خالد أحمد الطراح

 المدرسة والأسرة شريكان أساسيان في بناء المجتمع، لذا حرصت كل الدراسات على توزيع المسؤولية الاجتماعية بين المدرسة والأسرة، حيث لا يمكن أن تنجح الأسرة في ترسيخ أخلاق رفيعة وسلوكيات حميدة إذا لم تكن المدرسة أيضاً حاضنة لدعم دور الأسرة في مواجهة المعوقات الاجتماعية والانحراف في السلوكيات.
في الوقت ذاته لا يمكن أن تتفوق المدرسة في أداء أهدافها التربوية والمحافظة على سيادة القيم الاجتماعية اذا ما تقاعست الاسرة عن دورها في البناء الاجتماعي المشترك مع المدرسة، خصوصا في ضوء وجود واقع من العنف المنزلي له انعكاسات سلبية على المستوى الاجتماعي والتعليمي ايضا.
من بين آخر الدراسات التي نشرت عن العنف في المدارس، دراسة لإدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية في وزارة التربية، حيث حددت ضمن بيانات رسمية عن العنف الطلابي داخل اسوار المدارس وخارجها ايضا بناء على مصادر وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية.
بلغ عدد الجرائم 42 حالة متنوعة خلال الفترة سبتمبر 2015 – أبريل 20166، توزعت بين اعتداء بالضرب وهتك عرض وسرقة وخطف، إضافة إلى قتل وحيازة مواد مخدرة بواقع 6 جرائم كل 6 أيام. (القبس 2017/4/15)
وذكرت دراسة أخيرة «ان اجمالي المشاكل السلوكية في المدارس الخاصة لنفس الفترة الزمنية بلغت 430 حالة»
(القبس 2017/3/155)، فيما بينت الدراسة ان حالات أنواع العنف شملت «العدوان اللفظي على المعلمين والطلبة أيضاً».
برز قبل ذلك خلال الاعوام الاخيرة اكثر من تحقيق صحافي ومناشدات من باحثين واختصاصيين اجتماعيين كويتيين بضرورة إعادة وزارة التربية النظر في توفير عدد كاف من الاختصاصيين الاجتماعيين من خلال توفير الحوافز المالية لجذب خريجي علم الاجتماع والنفس من الكويتيين على وجه الخصوص، نظرا لأهمية الإلمام الاجتماعي بخصوصية المجتمع الكويتي، حيث يصعب على الوافدين إدراك كل الجوانب ذات العلاقة الاجتماعية في المشاكل الاسرية أو المدرسية التي يوجهها الطلبة.
على الرغم من أن البيانات عن حالات العنف صادرة من إدارة تابعة لوزارة التربية وليست جهة خارجية، فإن مثل هذه المعضلة الاجتماعية لا تزال تبحث عن حل وقرار تربوي من الوزارة نفسها!
العنف بشكل عام بات ظاهرة اجتماعية وسلوكية يئن منها المجتمع الكويتي، فشباب بمقتبل العمر يدفعون حياتهم ثمنا للطيش والمراهقة وكسر القوانين، علاوة على حالات اعتداء على الأطباء والمعلمين والمسؤولين في الوظائف العامة، أصبحت للأسف ممارسة اعتيادية حتى على يد بعض الشخصيات التي يفترض أن يكونوا القدوة في المجتمع!
معالجة العنف، سواء في المدرسة أو في المجتمع بشكل عام، تقتضي قرارا حازما وعاجلا وربما قوانين رادعة وليست دراسات تجتر نفس مصادر العنف، وما أكثر الجهات المعنية التي تصرف عليها الدولة، ومنها مكتب الإنماء الاجتماعي الذي ما زال جهازا يشكل عبئا ماليا على ميزانية الدولة، بينما الإنجاز مجهول ربما لان عمل مثل هذه الجهة تم تصنيفه كإحدى جهات الأمن الاستراتيجي!
معدلات العنف والجريمة خصوصا بين فئات عمرية شابة سواء في المدارس أو في المجتمع ككل في ازدياد لافت علاوة على انتشار المخدرات في المدارس، وهو ما يستوجب اهتماماً استثنائياً من وزارة التربية في معالجة القصورين الإداري والمالي في جذب الاختصاصيين الاجتماعيين الكويتيين إلى الميدان التعليمي.