سهوب بغدادي

الإعلام أداة مهيمنة، قاطعة للحدود، وموجهة للرأي العام والعالمي في حال اُستُخدمت بالطريقة الصحيحة، عن طريق اتباع منهج «الإيجابية الإعلامية» التي تنتج عنها الصورة النمطية الإيجابية للشعوب. 
لنأخذ الإعلام الأميركي على سبيل المثال، فإن التصور العام عنه أنه إيجابي وفعّال وداعم لإنجازات الأفراد، وعاكس لثقافة واسعة وعريقة. 
الحقيقة، أن الإعلام الغربي سوداوي مغلف بحلة إيجابية، فما يصل إلى شاشاتنا ونراه يختلف عما يصلهم في بيوتهم. 
هل سبق أن سمعت خبرا منقولا عنهم عن عدم المساواة والتفرقة التي تتعرض لها المرأة في العمل؟ فهم يطلقون على ذلك «occupational sexism». 
إن راتب امرأة أميركية ذات خبرة 12 سنة على سبيل المثال، أقل من راتب رجل بعدد سنوات الخبرة نفسها، لماذا؟ لأنها فقط امرأة!
فلم تصلني هذه المعلومة إلى أن سمعتها من معلمة أميركية تشتكي لي قلة راتبها، وعدم عدالة النظام وإنصافه للمرأة. 
من الواضح أن لديهم كثيرا من المشكلات ولكنها غير معلنة، بعبارة أخرى تلك المشكلات لا تطرح على طاولة النقاش للعالم الخارجي. 
ونعلم أيضا أن لديهم حرية التعبير، فلماذا لم يناقش هذا الأمر على نطاق أوسع! 
السبب وراء ذلك هو «رغبة الشعب»، فالمجتمع الأميركي يعزز مبدأ الخصوصية «نبقي مشكلاتنا لأنفسنا». 
لفتتني كلمة د. عوّاد العواد، خلال لقائه الصحف الورقية والإلكترونية، حيث ردد كلمة إيجابية أكثر من مرة خلال اللقاء. وأهم ما جاء في الاجتماع، هو نشر الأخبار والثقافات التي تعبّر عنا كمسلمين وكشعب سعودي، ومحاولة تغيير الصورة النمطية السلبية المأخوذة عنا في الخارج، بتركيز الصحف السعودية الصادرة باللغة الإنجليزية على نشر الأخبار التي تعكس قيم المجتمع والفرد السعودي، والتأكيد على مبدأ الاعتدال في الدين ونبذ التطرّف. 
أنا مع كلام معاليه، ولكنني أحاول تصور الخطوات العملية لتطبيق ذلك على أرض الواقع. إن أردنا نشر كل ما هو إيجابي عن الوطن، فعلينا تذكر أن الشعب ليس بالهيّن في تقصي ونشر الخبر قبل التحقق من صحة مصدره، فعلى الأغلب ستصل هذه الأخبار والمقاطع والهاشتاقات إلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية في لمح البصر، فما العمل؟ 
أحد الحلول -من وجهة نظري- يكمن في مطلب معالي الوزير للصحف السعودية الصادرة بالإنجليزية، لأن دورها يعدّ مفصليا فيما يخص نفي وإثبات الحقائق، إلا أن تكليفهم بهذه المهمة يبدو غير منصف، نظرا لأن عدد الصحف الصادرة بالإنجليزية، اثنتان فقط! 
فهل يعقل أن نقدم سعودي جازيت وعرب نيوز للجبهة، كي يواجها المئات من الاتهامات الموجهة من مختلف المجتمعات الغربية، كذلك تغيير وتحويل الصور النمطية السلبية عنا إلى النقيض! 
كمسلمة في الخارج، سمعت كثيرا من الاتهامات والصور النمطية عنا، كالإرهاب والبدائية والرجعية والوحشية، وغيرها. فالحل الجوهري لن يأتي إلاّ عن طريق تفعيل دور الترجمة الاحترافية والمقننة للمحتوى الإعلامي. 
فلماذا لا نرى شريط ترجمة باللغة الفارسية -على سبيل المثال- على القناة الأولى، شريطا إخباريا على مدار الساعة ينشر فيه ما نرغب في أن يُقرأ ويعرفه عنا العدا؟، لماذا لا نقوم بالعمل عنهم، ولكن بطريقتنا؟، لنعدّها رسائل مقننة وموجهه إلى شعب أو فكر ما في محاولة تغيير تدريجي لما أشيع عنا منذ أزمان مضت. 
أيضا، ذلك فيه جانب توظيف طاقات أبناء البلد، فلدينا كثير من خريجي كليات اللغات والترجمة ممن برعوا في اللغات الأوروبية والآسيوية. 
من الجدير بالذكر، أنه من اللازم إعادة النظر في أنظمة توظيف أي شخص يعمل في صناعة الخبر، سواء في الصحافة أو التلفزيون أو الراديو، لأن نظام التعاون والتطوع غير مُجدٍ في هذه الفترة الانتقالية، فشُح الرواتب والوظائف الرسمية يفقدان إعلامنا رونقه بفقده هِمة صناع الخبر. 
أخيرا، نحن بصدد تطور وتحول وطني حقيقي ومذهل، فيجب على جميع وسائل الإعلام بمختلف أشكالها مواكبة الركب بالوتيرة نفسها، والتعاون المتبادل بإيصال الخبر الذي يعبر عن الإسلام دين السلام، خلال تعميم الإيجابية الإعلامية، فالتحول الوطني يستلزم تحولا إعلاميا.