على الرغم مما جلبته الكتب والأفلام للعالم، ومساهمتها في جعل التعلّم يومياً، وطريقة لحفظ التاريخ والهوية والوجود الإنساني في العالم، مع استكشاف وجهات نظر جديدة، جاءت الألعاب الحديثة، وعلى رأسها ألعاب الفيديو لتغيير ذلك بشكل كامل، ولم تجد صعوبة في الاستحواذ على المكانة التي كانت الكتب والأفلام تحتلها في الماضي.

وتتميز الطبيعة التفاعلية لألعاب الفيديو بسماحها للاعبين، وبشكل خاص بأن يصبحوا مشاركين نشطين، ومصممين، ومفكرين، قادرين على فهم ما يحدث في العالم، وما يدور من حولهم، واختيار الشخصية، والهوية التي يريدونها، ما يجعل الألعاب تتفوق على الكتب، وتخرجها من المنافسة لتشق طريقها إلى أعلى القمة.

لقد ساعدت الكتب والأفلام منذ فترة طويلة الإنسان على استكشاف وجهات نظر مختلفة، ولكن الألعاب اليوم، ومن دون شك، واحدة من أفضل وسائل التعلّم ومن أهم التقنيات الاجتماعية والثقافية في القرن الحادي والعشرين.

ومع تحول المزيد من الأشخاص إلى الألعاب، ووجود 2.5 مليار لاعب، باتت قادرة على التأثير والتغيير بشكل أكبر، وأسرع، بل وأصبحت التوجهات اليوم تنظر إلى الألعاب بطريقة مختلفة، تؤيد الاستفادة منها لمعالجة بعض أكبر القضايا في العالم، بعد تبوّئها موقع الوسيلة الأكثر شعبية بين وسائل الإعلام.

لذا تستخدم الألعاب اليوم، وعلى نطاق واسع، في تثقيف المستخدمين حول الكثير من القضايا العالمية، مثل تغيّر المناخ، والعنف، والصحة العامة، وكذلك لتحفيزهم للعمل على صياغة حقائق بديلة تساعد على إعادة تشكيل العالم الحقيقي من حولهم.

وما يميز الألعاب أنها تعطي اللاعب مرونة، ومساحة واسعة، وحرية لتجربة شيء ما، واستكشاف هويات مختلفة، فيصبح أكثر تقبلاً لأفكار التغيير، أو الاختلاف، أو التفكير في الأشخاص المشابهين له، أو الذين يعيشون في عوالم مختلفة، أو من يتمنى الانتماء إليهم.

ويشهد العالم زيادة كبيرة في الدراسات التي تحلل ألعاب الفيديو، وتسويقها القصص، خصوصاً التاريخية، وتأثيرها الهائل في اللاعبين، ووجدت في معظمها أن اللاعبين يتعلمون عن تاريخ العالم ودولهم، من خلال هذه الألعاب أكثر مما يتعلمونه من الكتب والأفلام، ما يجعل أهمية مراجعة سيناريوهات الألعاب وكتابة قصصها بأهمية تأليف الكتب التعليمية، بل وربما يحتاج إلى مزيد من الجهد والحرص من أجل حفظ الهوية والتاريخ الإنساني بمأمن من الأخطاء.