تسعى إيران، التي تعاني عقوبات أميركية قاسية وحصارًا اقتصاديًا أوروبيًا، إلى استخدام جارها الغربي العراق منفذًا ورئة تتنفس منها تجاريًا، بعدما بدأ يتعافى من الإرهاب، وباشر مرحلة بناء جديدة، حيث أرسلت وزير خارجيتها ظريف إلى هناك بحثًا عمّا يخفف من عزلتها السياسية والاقتصادية.

إيلاف: يقوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حاليًا بأطول زيارة رسمية إلى العراق تستغرق خمسة أيام على رأس وفد يضم 30 مسؤولًا سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا اجتمع خلالها مع القادة العراقيين وممثلي الطوائف والقوميات العراقية، مشددًا على ضرورة تعزيز العلاقات الإيرانية مع العراق، وخاصة الاقتصادية منها، وتوسيع التيادل التجاري بإجراءات على الأرض، وبما يخدم محاولات طهران للتخفيف من العبء الثقيل للعقوبات الأميركية المفروضة عليها.

اتجاه لمضاعفة الميزان التجاري إلى 24 مليار دولار
خلال مشاركته في المؤتمر التجاري المشترك بين إيران والعراق، بحضور 6 وزراء عراقيين مساء أمس، فقد أكد ظريف اتجاه العراق وإيران إلى توسيع العلاقات الاقتصادية بينهما، بحيث تزداد قيمة التبادل التجاري إلى ضعفي النسبة الحالية البالغة 12 مليار دولار.&

وأوضح أن المؤتمر بحث سبل توسيع التجارة والاستثمار الثنائي بشكل محسوس "وفي حال تحقيق تطلعاتنا المشتركة من المتوقع أن تزداد نسبة التبادل التجاري السنوي بين إيران والعراق إلى ضعفي النسبة الفعلية الحالية".

إلغاء تأشيرات دخول العراقيين إلى إيران
وأعلن ظريف في تصريحات نقلها الإعلام الإيراني، وتابعتها "إيلاف" الثلاثاء، عن إلغاء تأشيرة الدخول بالنسبة إلى التجار العراقيين، الذين يتوجهون إلى بلاده، كمقدمة لإلغائها بحق جميع العراقيين.

ظريف يتوسط رئيس حكومة كردستان وسفير طهران ببغداد لدى افتتاح المؤتمر التجاري الايراني الكردستاني في اربيل اليوم

وأكد أن طهران تلغي تأشيرة الدخول بالنسبة إلى التجار العراقيين، وقد تلغي متطلبات التأشيرة للمواطنين العراقيين، على أمل تعزيز العلاقات بين الجارتين.. مشددًا على الحاجة إلى تعزيز التعاون الثنائي بين دول المنطقة. وأضاف "أن الطبيعة المحدودة لعلاقاتنا مع العراق غير مقبولة"، منوهًا بأن سبعة ملايين إيراني وعراقي يتبادلون زيارة البلدين خلال عام واحد.

وأشار إلى أنه "إلى جانب إلغاء متطلبات التأشيرة للمواطنين العراقيين، فإننا مستعدون أيضًا لبناء مناطق صناعية على حدودنا مع العراق بهدف تعزيز تعاون اقتصادي أكبر". ووصف الوزير الذي تعاني بلاده من عقوبات أميركية وأزمة اقتصادية خانقة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنها ركائز للأمن الإقليمي.

مباحثات سياسية
قال ظريف مضيفًا "على غرار الزيارات السابقة كان لي الشرف للقاء ممثلين من مختلف شرائح الشعب العراقي، كالمسيحيين والايزيديين والصابئيين وديوان وقف السنة، كما إني اعتز بلقائي مع رئيس جمهورية العراق برهم صالح، وعشاء العمل الذي جمعني وإياه، حيث تحدثنا عن تعاون مستقبلي والتقارب البناء بين البلدين؛ إيران والعراق يعتزمان تعزيز علاقاتهما من أجل رفع مستوى قدرات المنطقة".. مشيرًا إلى اجتماعه مع رؤساء الكتل العراقية، وبينهم عمار الحكيم ونوري المالكي وأياد علاوي وغيرهم من الكتل والشخصيات العراقية.

أبدى ظريف ارتياحه للقاء رئيس الوزراء السابق العراقي نوري المالكي وأول رئيس وزراء للعراق بعد سقوط نظام البعث أياد علاوي ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، منوهًا بأن هذه اللقاءات أتاحت له الفرصة للتحدث مع مختلف الكتل والتيارات العراقية. &

ظريف: نحتاج إقليم كردستان وهو يحتاجنا&
واليوم، وصف ظريف في كلمة ضمن مؤتمر تجاري إيراني كردي بدأ أعماله في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق الشمالي وصف علاقات الطرفين بأنها "مهمة جدًا". وقال: "معًا نحن وإقليم كردستان نتقدم وننجح، فنحن نحتاج كردستان، والإقليم يحتاجنا".

أضاف: "إن أمن إقليم كردستان مهم لإيران، والعلاقة بين الجانبين لا يمكن لأحد التأثير عليها". ووصف رئيس حكومة الإقليم نجيرفان بارزاني بأنه "صديقنا المقرب". وعن التعاون التجاري والاقتصادي بين إيران والإقليم، أكد أن بلاده ستعمل على تذليل العقبات التي تواجه تجار الإقليم وإنهاء مشاكلهم، موضحًا في كلمته التي نقلتها وكالة "شفق نيوز" الكردية من أربيل أن العلاقة بين الإقليم وإيران آخذة بالتنامي وفق القوانين الدولية.

من جهته، أشار رئيس حكومة الإقليم نجيرفان بارزاني في كلمة خلال المؤتمر التجاري إلى "أن زيارة وزير الخارجية الإيراني تأكيد على العلاقة القوية مع كردستان والعراق".. وقال "نشكر إيران التي وقفت إلى جانبنا دائمًا في الأيام الصعبة رغم مشاكلها".

أضاف "طالما مدت إيران يد التعاون والصداقة إلى إقليم كردستان، ولن ننسى مواقف إيران التي بادرت بمساعدتنا في مختلف المراحل، وإيصال صوت ومأساة حلبجة إلى العالم".. مبيّنًا أنه "تربطنا بطهران علاقات أخوة وصداقة". وأوضح أن "الشركات الإيرانية العاملة في إقليم كردستان تعاملت بصبر مع الأزمة المالية التي عصفت بالإقليم".. مؤكدًا بالقول"نبذل جهودًا حثيثة بغية حل المشكلات التي يعاني منها رجال الأعمال والتجار الإيرانيون".&

وأكد أن الإقليم مقبل على مرحلة جديدة بعد تجاوز الحرب مع داعش وأزمة النازحين واللاجئين والتعافى من الأزمة الاقتصادية، منوهًا بأن "هذا الأمر سينعكس أيضًا على تنمية العلاقة مع إيران وفق القوانين الدولية". وخاطب بارزاني التجار الإيرانيين وأعضاء الوفد الإيراني باللغة الفارسية، مؤكدًا على عمق التعاون والعلاقة بين أربيل وطهران.

وسيتوجه &ظريف في وقت لاحق اليوم الثلاثاء إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق للمشاركة في ملتقى اقتصادي سينعقد هناك، ثم ينتقل غدًا إلى كربلاء، ويشارك في ملتقى تجاري فيها، من أجل فتح الأسواق العراقية أمام البضائع الإيرانية وتوسيع حجم الاستثمار الإيراني فيها.

العراق يستثني سلعًا إيرانية من الرسوم الجمركية
من جانبها، أعلنت غرفة التجارة الإيرانية الثلاثاء أن العراق استثنی عددًا من السلع والتجار والمنتجین والمصدرین الإیرانیين من دفع الرسوم الجمركیة.

وأوضحت شهلا عموری رئيسة الغرفة في جنوب البلاد أن المفاوضات جاریة مع العراق لاستثناء عدد أكبر من السلع والبضائع الإیرانیة بعدما استثنى فعلًا 25 من السلع المنتجة فی إقليم عربستان "خوزستان" الجنوبي من الرسوم الجمركیة.

وأعلنت عن تشكیل لجنة لمتابعة تصدیر السلع من الإقليم إلی العراق، تضم ممثلین عن المدیریة العامة للصناعة والتعدین والتجارة وغرفة التجارة والمتاجر التعاونیة ووزارة الخارجیة ومنطقة أروند الحرة والقنصل العراقي في الأحواز.

وأكدت عموري التوصل إلى نتائج جیدة بشأن تصدیر الخدمات الهندسیة والتقنیة إلى العراق. وقالت إن العراق قرر وضع أراضٍ بالمجان تحت تصرف المقاولین الإیرانیین لتشیید المباني&السكنیة، وفي المقابل یضمن العراق لهم بیعها.
&
معرض دائم للسلع الإيرانية في بغداد
من جانبه، اعلن السفير الايراني لدى العراق ايرج مسجدي بأنه سيتم قريبًا افتتاح معرض دائم للسلع الايرانية في بغداد.

وقال مسجدي في كلمته خلال الملتقى الاقتصادي الكبير بين العراق وإيران في بغداد أمس ان "المعرض سيفتتح بحضور وزراء من البلدين". واوضح ان "المعرض الدائم سيقام للمرة الأولى ولفترة عام، ويعد أكبر حدث اقتصادي بين البلدين". واشار الى انه "سيتم في كل أسبوع عرض الامكانيات الانتاجية والصناعية الايرانية في أحد المجالات التخصصية، بمعنى انه ستتم خلال عام اقامة 48 معرضا اختصاصياً ايرانيا في العاصمة العراقية".&

تبسيط اجراءات دخول البضائع بين البلدين
بالترافق مع وجود ظريف في العراق، فقد بحث مسؤولون جمركيون عراقيون وايرانيون في بغداد سبل تبسيط اجراءات دخول البضائع بين البلدين.

وخلال اجتماع بين مدير عام الجمارك العراقية منذر أسد ونظيره الايراني مير أشرفي، فقد تم الاتفاق على العمل لحل المشاكل والمعوقات الجمركية، ومنها وتشديد الرقابة على المسافرين والعجلات والامتعة الشخصية وتفعيل عمل الفرق الجمركية واستخدام أجهزة الكشف عن المخدرات والمؤثرات العقلية.

كما اتفق الجانبان على التشديد في فحص حاويات البضائع، وان تكون حاملة للاختام الجمركية الإيرانية عند وصولها الى مراكز العراق الجمركية وعلى إيجاد البديل للشركات الفاحصة الاجنبية لفحص البضائع في الحدود، وخاصة المواد الغذائية، والتي تمس سلامة المجتمع.

&تم الاعلان في ختام الاجتماع عن تشكيل فريق عمل عراقي ايراني مشترك للإطلاع على المعوقات وايجاد السبل لحلها في المنافذ الحدودية بين البلدين.&

بغداد تتطلع إلى تمديد استثنائها من العقوبات الاميركية على ايران
تستهدف زيارة ظريف هذه توسيع افاق التعاون التجاري مع العراق، الذي يعتبر رئة ايران الرئيسة، في تخطي آثار العقوبات الاميركية عليها، خاصة وان واشنطن منحت العراق من بين 7 دول اخرى اعفاءات من الالتزام بالعقوبات على ايران لمدد محددة.

لكن برايان هوك ممثل الولايات المتحدة الخاص لإيران اكد السبت أن واشنطن لن تمنح أي إعفاءات أخرى في ما يتعلق بقطاع النفط الإيراني، بعد إعادة فرض العقوبات على طهران. وأضاف هوك في مؤتمر صحافي في أبوظبي أن سبب الإعفاءات التي منحت من قبل هو منع ارتفاع أسعار النفط.&

تسعى بغداد حاليا الى&الحصول على موافقة الولايات المتحدة للتمديد بالسماح لها باستيراد الغاز الإيراني لمحطات الكهرباء، حيث يقول مسؤولون عراقيون إن الأمر يتطلب المزيد من الوقت لإيجاد مصدر بديل، بخلاف الإعفاء الذي منحته الى العراق الولايات المتحدة لمدة 45 يومًا.

ويستورد العراق حاليًا الغاز والطاقة الكهربائية من ايران، التي تعتبر المزوّد الاول لهما للعراق، ما يدرّ على ايران مبالغ ضخمة تعينها على مواجهة اثار العقوبات. وستنتهي مدة الإعفاءات الحالية بنهاية مايو المقبل، والتي منحت الى كل من العراق وتركيا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية بعد إعادة فرض العقوبات على قطاع النفط الايراني في نوفمبر عام 2018.

كما يستورد العراق مجموعة كبيرة من السلع من إيران، تشمل الأغذية والمنتجات الزراعية والأجهزة المنزلية ومكيفات الهواء وقطع غيار السيارات. وتمثل السلع في الصادرات الإيرانية إلى العراق نحو ستة مليارات دولار في الاثني عشر شهرًا الاخيرة حتى مارس عام 2018، أي نحو 15 بالمئة من واردات العراق الكلية في عام 2017. &


&