أعلن البيت الأبيض الجمعة أنّ القمّة المقبلة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ستُعقد "في أواخر فبراير"، من دون أن يحدّد مكانها، في مؤشّر إلى احتمال تحقيق تقدّم في ملف نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.

إيلاف: قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز، بعد اجتماع استمرّ 90 دقيقة في المكتب البيضوي بين ترمب والجنرال كيم يونغ شول، الذراع اليمنى للزعيم الكوري الشمالي، إنّ "الرئيس (ترمب) يتطلّع إلى لقاء الرئيس كيم في مكان سيعلن عنه في وقت لاحق".

غير أنّ ساندرز حذّرت، حتّى قبل انعقاد هذه القمّة، من أنّ الولايات المتحدة ستُبقي "الضغط والعقوبات على كوريا الشماليّة حتى نزع السلاح النووي منها بشكل كامل ويُمكن التحقّق منه".&

عقد الجنرال الكوري الشمالي محادثات مع القيادة الأميركيّة الجمعة، بعد أكثر من عام على تهديدات أطلقها ترمب ضدّ كوريا الشماليّة. وكانت ساندرز صرّحت في وقت سابق أنّ ترمب وكيم يونغ شول "سيُناقشان العلاقات بين البلدين والمضيّ قدمًا باتّجاه نزع السلاح النووي بشكل نهائي وتامّ ويُمكن التحقّق منه".

قبل ذلك، التقى كيم يونغ شول وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو، ووصف الأخير اللقاء بأنّه كان إيجابيًا. وكيم يونغ شول هو أوّل مسؤول كوري شمال يمضي ليلةً في العاصمة الأميركية منذ حوالى عقدين.&

لم تُعلن الخارجيّة الأميركيّة عن هذه الزّيارة إلا قبل وقت قليل، إذ إنّ واشنطن تتعامل مع الملفّ بحذر ، بعدما ألغى كيم يونغ شول فجأة محادثاته، التي كانت مقرّرة مع بومبيو في نيويورك في مطلع نوفمبر الفائت.&

من جهتها، رحّبت سيول بالإعلان عن عقد قمّة ثانية بين ترمب وكيم جونغ أون، بحسب ما أعلنت الرئاسة الكوريّة الجنوبيّة السبت. وأضافت الرئاسة في بيان أنّ سيول تأمل بأن يُشكّل هذا اللقاء بين الزعيمَين "تحوّلًا" لمصلحة السّلام في شبه الجزيرة الكوريّة.

وبعدما تراجعت حدّة التوتّر، عقد كيم وترمب أوّل لقاء في سنغافورة في يونيو من العام الماضي، حيث وقّعا وثيقة تعهّد فيها كيم "نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكوريّة". لكن لم يُسجّل منذ ذلك الوقت أيّ تقدّم حول ما يَعنيه "نزع السلاح النووي"، نظرًا إلى وجود تباينٍ في تفسير ذلك بين بيونغ يانغ وواشنطن التي تنشر 28500 جندي في كوريا الجنوبيّة.

وعبّر ترمب مرارًاً عن رغبته في لقاء كيم مجددًا، قائلًا إنّه وكيم "وقَعا في الحبّ" بعد قمة سنغافورة، الأولى بين قائدين من البلدين منذ نهاية الحرب الكورية (1950-1953).

بدأ التوتر يخفت منذ عام تقريبًا بتشجيع من الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن. ويشيد ترمب مرارًا بانتصار دبلوماسيّته، وقال أخيرًا إنّه جنّب آسيا "حربًا كبيرة" كانت لتقع لولا تدخّله. &

فيتنام جاهزة لاستقبال القمة
وكان مصدر حكومي فيتنامي صرّح لوكالة فرانس برس أنّه تَجري حاليًّا "استعدادات لوجستيّة" لاستضافة القمّة الجديدة التي يُرجّح انعقادها في هانوي أو مدينة دانانغ الساحليّة، إلا أنّ أيّ قرار لم يُتّخذ بعد.

صرح رئيس وزراء فيتنام نغوين شوان فوك أنّ بلاده مستعدة لاستقبال الزعيمين، مشيرًا إلى أن هانوي تقيم علاقات متطورة مع الولايات المتحدة رغم ذكريات الحرب. وأكد في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ "نحن لا نعرف القرار النهائي. لكن إذا حدثت القمّة هنا، سنبذل كلّ ما في وسعنا لتسهيل الاجتماع".

يأمل كيم المدعوم من حليفته الصين، بتخفيف العقوبات الدوليّة المفروضة على بلاده. لكنّ الولايات المتّحدة تصرّ على ممارسة أقصى درجات الضغوط حتّى تحقّق بيونغ يانغ تقدّمًا في مسألة التخلّي عن أسلحتها النوويّة.

دبلوماسية يحرّكها القادة
تعهّد كيم في سنغافورة "الالتزام الثابت بالنزع التامّ للأسلحة النوويّة في شبه الجزيرة الكوريّة". لكن يبدو أنّ لدى الطرفَين تفسيرات متباينة لذلك، إذ تتوقّع الولايات المتّحدة من كوريا الشماليّة التخلّي عن أسلحتها النوويّة التي عملت على مدى عقود لتجميعها، بينما تسعى بيونغ يانغ إلى دفع الولايات المتّحدة لإنهاء ما تعتبره تهديدات لها.&

وقال هاري كازيانيس من مركز "ناشونال انترست" المحافظ للابحاث "الآن، الجزء الصعب بدأ: يجب على الدولتين أن تُظهرا على الأقلّ بعض النتائج الملموسة في القمّة الثانية".
&