واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء أنّه يتوقّع استعادة كامل المناطق التي لا يزال يُسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا خلال أسبوع.

وقال ترمب أمام أعضاء التحالف الدولي ضدّ "الجهاديين" المجتمعين في واشنطن، إنّ "الجنود الأميركيّين وشركاءنا في التحالف وقوّات سوريا الديموقراطيّة حرّروا على الأرجح كامل المناطق التي يُسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا والعراق".

وأضاف "سيتمّ الأسبوع المقبل الإعلان رسمياً أنّنا سيطرنا على مئة في المئة من أرض الخلافة". وأكّد ترمب أنّ الولايات المتّحدة ستظلّ "حازمة جداً"، وهي تشجّع الجهود التي تبذلها دول أخرى بما فيها الجهد المالي.

وتابع: "فلول، هذا كلّ ما بقي لدينا، فلول، لكنّ الفلول يُمكن أن تكون بالغة الخطورة".

وقال أيضاً "تأكّدوا أنّنا سنبذل كلّ ما هو مطلوب لإلحاق الهزيمة بآخر شخص في صفوف تنظيم الدولة الإسلاميّة، وللدفاع عن شعبنا من الإرهاب الإسلامي المتطرّف".

واجتمع وزراء خارجيّة الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضدّ "الجهاديين" بمعية وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وعلى جدول أعمالهم مسائل شائكة عدّة، أبرزها تجنّب بروز التنظيم الجهادي مجدّداً وبتّ مصير المقاتلين الأجانب المعتقلين في سوريا وتبديد التوتّر بين الأكراد والأتراك.

وأقرّ بومبيو في مستهلّ اللقاء بأنّ "تنظيم داعش لا يزال يُشكّل تهديداً خطيراً"، مضيفاً "من مسؤوليّة جيلنا أن نضع حدّاً له".

ودعا الدول الـ74 وخمس منظّمات هي أيضاً أعضاء في التحالف إلى "أن تؤكّد مجدداً هدف إلحاق هزيمة نهائيّة" بتنظيم الدولة الإسلاميّة الذي نفّذ في الأعوام الأخيرة اعتداءات دامية في أوروبا انطلاقاً من معاقله السابقة، خصوصاً في سوريا.

واستند بومبيو إلى الهزائم التي تكبّدها التنظيم وتجلّت في خسارته القسم الأكبر من المناطق التي كان يُسيطر عليها في العراق وسوريا، ليؤكّد أنّ "طبيعة المعركة في طور التبدّل".

وأضاف "من الآن وصاعداً، لن تكون معركتنا عسكريّة في الدّرجة الأولى، لأنّنا ندخل عصر الجهاد اللامركزي، وعلينا تالياً تبنّي مقاربة رشيقة"، خصوصاً عبر تكثيف تبادل المعلومات الاستخباريّة.

وأوضح أنّه لهذا السبب، فإنّ إعلان ترمب المفاجئ في ديسمبر سحب نحو ألفي جندي من شمال سوريا "لا يعني نهاية المعركة الأميركيّة". وشدّد على أنّ "أميركا ستُواصل قيادة" المعركة ضدّ "الجهاديين"، "ولن تمنح أيّ فرصة لمن يريدون تدميرنا".

استعادة "الجهاديين" الأجانب

وجدّد بومبيو دعوته الدول الأخرى إلى مشاركة أكبر في الجهد المالي لهذه المعركة، لافتا إلى نقص يناهز 350 مليون دولار على صعيد حاجات التمويل لإرساء الاستقرار في العراق هذا العام.

وأثار قرار الانسحاب من سوريا قلق حلفاء كثيرين. وكان الرئيس الأميركي تذرّع أوّلاً بهزيمة تنظيم داعش لتبرير قراره، لكنّ هذا الإعلان المتسرّع أثار مزيداً من الشكوك.

مذّاك، تسعى إدارته إلى التركيز على ما خسره الجهاديّون جغرافيّاً.

وأفاد تقرير لخبراء في الأمم المتحدة سلّم هذا الأسبوع لمجلس الأمن أنّ التنظيم الجهادي يُظهر "تصميماً على المقاومة وقدرة على شنّ هجمات مضادّة" مع 14 ألفا إلى 18 ألف "مقاتل" لا يزالون في سوريا والعراق بينهم ثلاثة آلاف "مقاتل" أجنبي.

وتُواجه دول عدّة أبرزها فرنسا مشكلة مصير "الجهاديين" الأجانب الذين اعتقلتهم القوّات الكرديّة المتحالفة مع الغرب بعدما قاتلوا في صفوف التنظيم المتطرف.

وكانت باريس تعوّل أولاً على الأكراد لمحاكمة هؤلاء وسجنهم حيث هم، تفادياً لمواجهة معضلة عودتهم إلى بلد يحمل وزر هجمات العام 2015.

لكن مع الانسحاب الأميركي، عاد هاجس تفرق هؤلاء الجهاديّين وعودتهم الى ساحة المعركة يؤرق الحكومة الفرنسية، خصوصا مع دعوة واشنطن على لسان بومبيو "أعضاء التحالف الى القبول باستعادة" جهادييهم "ومحاكمتهم ومعاقبتهم" على أراضي دولهم.

كذلك، يشكّل الاجتماع الذي يستمرّ الخميس فرصةً لبحث وضع المقاتلين الأكراد الذين قد يضطرّون إلى خوض مواجهة منفردة مع تركيا، العضو في التحالف، والتي تصنّفهم "إرهابيين" وتتوعد بمهاجمتهم.

وكان ترمب ونظيره التركي رجب طيب اردوغان تحدّثا عن خطة لإقامة "منطقة آمنة" على الحدود التركية السورية، لكنّ تعقيدات كثيرة تحول دون ترجمتها على الأرض.

وقالت مسؤولة أميركية الأربعاء "نجري مفاوضات مع نظرائنا الأتراك حول ما يمكن القيام به بالنسبة الى المنطقة العازلة" بهدف حماية تركيا التي "تشعر بقلق أمني مشروع على حدودها" والاكراد "الذين قاتلوا معنا في الأعوام الأخيرة"، رافضة كشف مزيد من التفاصيل حول طبيعة القوة الدوليّة التي يمكن أن تشرف على منطقة مماثلة.

ودعا وزير الخارجيّة التركي مولود تشاوش أوغلو الى "التنسيق" تمهيداً للانسحاب الأميركي. ونقلت عنه وكالة أنباء الأناضول الحكومية قوله "من الأهمّية بمكان تفادي أيّ فراغ يمكن أن يستغلّه الإرهابيون لتقويض وحدة أراضي سوريا وتهديد أمن الدول المجاورة".