غلب التفاؤل الحذر على التوقعات في شأن المخارج المقترحة لإخراج أزمة تأليف الحكومة من عنق الزجاجة، وفق الأجواء التي أشاعها كل من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري أمام من التقوهم نهار اليوم.

إلا أن مصادر سياسية موثوقة أوضحت لـ"الحياة" بعد ظهر اليوم أن الرئيس عون أكد لبعض من التقوه خلال النهار، أنه سيسعى إلى إخراج الأزمة من الجمود وإذا لم ينجح فإنه عازم على مصارحة اللبنانيين ويعلن على الملء من يعطل تأليف الحكومة. ولفت الرئيس عون، حسبما وزع مكتب الإعلام في الرئاسة عنه، إلى "ما يعانيه لبنان من عجز في التمويل في ظل ما يمر به من وضع حرج وانقسام سياسي راهن".

الأفكار المتعددة

وتردد أن من بين الأفكار المطروحة للخروج من مأزق اشتراط "حزب الله" تمثيل حلفائه النواب السنة الستة، اللجوء إلى تصغير عدد وزراء الحكومة من 30 وزيرا إلى 24 أو 18 وزير، إلا أن هذا الأمر بقي، حسب قول مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الحياة"، في حدود صالونات سياسية معينة، خصوصا أن المفاوضات السابقة على شرط "حزب الله" كانت تمت على أساس توزيع حصص الفرقاء على هيكل حكومة ثلاثينية. ويطرح تقليص عدد الوزراء إعادة توزيع الحقائب على الفرقاء في شكل مختلف عما كان عليه، سواء بين الفرقاء المسلمين ثم بين الفرقاء المسيحيين، لا سيما إذا كانت الحكومة من 18 وزير، ويعيد خلط الأوراق في ما يخص التمثيل السياسي. وتردد أن من الفرقاء الذين يعارضون صيغة ال18 وزيرا "حزب الله".

وأكد مصدر نيابي لـ"الحياة" أن المؤكد هو أنه صرف النظر عن فكرة توسيع الحكومة إلى 32 وزير، فيما تقدم اقتراح تسمية شخصية وسطية من حصة الرئيس عون، من خارج النواب السنة. وقال: "جرى التداول بفكرة تعيين وزير من خارج النواب السنة الستة، خصوصا أن الرئيس المكلف تأليف الحكومة حاسم برفضه توزير أي منهم، وتردد هنا إسم نجل النائب العضو في "اللقاء التشاوري" عبد الرحيم مراد، حسن مراد، إلا أن أياً من المصادر الرسمية لم يؤكد وجود توجه من هذا النوع". وفي المقابل أكد أحد النواب السنة الستة الحلفاء ل"حزب الله" أن من غير الوارد لديهم القبول بوزير من غير أعضاء "اللقاء التشاوري".

كما علمت "الحياة" أنه طرحت فكرة تشكيل حكومة أقطاب مصغرة على الرئيس عون، لكنه اعتبر أن هذا الخيار غير مناسب في الظرف الراهن.

وفيما أشار الرئيس عون أمس أمام وفد استقبله إلى أزمة تشكيل الحكومة التي "بدأنا العمل على حلحلتها على أن تتظهر النتائج في اليومين المقبلين بغية إعادة الأمور الى استقامتها"، علمت "الحياة" من مصدر سياسي متابع لمداولات البحث عن المخارج، أن رئيس الجمهورية كان واضحا في موقفه حيال أعضاء "اللقاء التشاوري" الذي يضم النواب السنة الستة، بأنهم لا يشكلون كتلة مستقلة كي يتم تمثيلهم في الحكومة بهذه الصفة. وأوضح المصدر السياسي إياه ل"الحياة" أن الرئيس عون عاد للتذكير بأن النواب الستة حين حضروا الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة قبل 6 أشهر ونيف، جاؤوا مع كتلهم النيابية الأساسية ولم يأتوا ك"لقاء تشاوري" يجمهم كما هي الحال الآن. وهو موقف كان عون اتخذه حين وضع "حزب الله" شرط تمثيلهم قبل صدور مراسيم تأليف الحكومة التي كان هو والحريري يحضران لإعلانها أواخر شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

جنبلاط يثمن

وكان عون استقبل رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" تيمور جنبلاط يرافقه النائب هادي ابو الحسن ومستشاره حسام حرب وعرض معهم الأوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية والحكومية الراهنة.

بعد اللقاء ثمن جنبلاط الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية في تحريك ملف تأليف الحكومة "التي باتت حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى"، مؤكداً على العلاقة الإيجابية مع الرئيس عون، ومتطلعاً إلى تعزيزها وتطويرها.

وشدد جنبلاط على "أهمية إيلاء الشأن الاقتصادي الأولوية المطلقة بعد تشكيل الحكومة ووضعه في سلم الأولويات فوق كل الاعتبارات الأخرى"، معتبراً أن هذا الموقف يتقاطع مع حرص رئيس الجمهورية على المعالجة الاقتصادية العاجلة، ومذكراً بالورقة التي قدمها "اللقاء الديمقراطي" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" في هذا المجال ويتشاور فيها مع مختلف القوى السياسية.

كما التقى عون وفداً من حزب "الطاشناق" ضم الأمين العام للحزب النائب أغوب بقرادونيان، ووزير السياحة اواديس كيدنيان، وتداول معهما في آخر التطورات المتعلقة بتشكيل الحكومة والاتصالات التي يجريها للخروج من المأزق الراهن. وأعرب الوفد عن تأييد حزب الطاشناق للاتصالات التي يجريها رئيس الجمهورية آملا أن تتكلل بالنجاح. كما عرض موقف الحزب من التشكيلة الحكومية والتوزيع المحتمل للحقائب فيها.

وعصرا صرح النائب الوليد سكرية باسم النواب السنة الستة أعضاء "اللقاء التشاوري" بعد لقائهم عون: "حيّينا جهود الرئيس ومبادرته للتواصل مع كل الفرقاء المعنيين لايجاد حل للمسألة لما فيه مصلحة لبنان". أضاف: " نحن مع مبادرته ومع كل القوى للوصول الى حل لكن حتى الآن ليس هناك حل لأن الرئيس المكلف لا يزال على موقفه بأنه رافض للاعتراف بنتائج الانتخابات". واعتبر أن الحريري "مُصرّ على احتكار الطائفة السنية بتيار المستقبل في حين أن كل القوى الاخرى ممثلة بتعددية وهو يرفض الاعتراف بالآخر ومستمرون على موقفنا ونطالب بحقنا، ولسنا نحن من يتعدّى على حق الآخر ولنا الحق بالتمثل من خلال أحد الوزراء السنّة الستة". وقال إن عون "معترف بحقنا منذ الأساس بأننا نمثل في الشارع السني والحكومة شكّلت على أساس القانون الارثوذكسي أي أن كل طائفة عيّنت ممثليها والتمثيل يجب أن يكون وفق التوازنات ونحن تنازلنا كثيرا وتركنا للرئيس المكلف حرية اختيار أحدنا ونحن سنكون موافقين وامام اصراره نطالب بحقنا وبحقيبة والكرة عند الرئيس الحريري وليست عند أحد آخر". وختم سكرية: "المبادرة الرئاسية مستمرة ولم تفشل والرئيس عون سمع رأينا وسيطرح طروحات معيّنة".