يشهد معرض الرياض الدولي للكتاب يوميا فعاليات متنوعة، ضمن البرنامج الثقافي المصاحب، وتلقى الإقبال وفقا إلى ما تلامسه من أسئلة ومشاغل لدى الزوار. ومن الفعاليات التي جذبت اهتماما نوعيا ندوة «الأسرة وتحديات القراءة» التي دعا المشاركون فيها إلى جعل الكتب والقصص وسيلة الأسرة للتهادي مع الأطفال، وأكدت المتخصصة في تدريب الأطفال على المهارات الحياتية الدكتورة سامية العيسى، أن للقراءة دوراً في صقل شخصية الطفل وتقويتها، فهي تجعله أكثر ثقة بنفسه، وأكثر قدرة على مواجهة المواقف التي تواجهه في حياته، مركزة على أهمية قراءة ما قبل النوم للأطفال، فهي بمثابة تعويد للطفل منذ سن الرضاعة على أن يرى الكتاب ويلمسه ويسمع الكلمات المكتوبة فيه بأسلوب هادئ وجميل، مشيرة إلى أن القراءة قبل النوم يجب أن تكون قراءة هادئة وبعيدة عن الإثارة.

من جهته، أكد التربوي المتخصص في كتابة القصص للأطفال الدكتور بدر الحسين، ضرورة القراءة، لكونها تجعل الرؤية أكثر اتساعاً والنظرة أكثر عمقاً لكل أمور الحياة، متطرقا إلى أنواع القراءة، ومنها القراءة الاكتشافية والقراءة الانتقائية والسريعة وقراءة الاطلاع، لافتاً إلى أن لكل عمر نوع خاص من القراءة، «فأطفال الروضة لا يناسبهم ما يناسب اليافعين من كتب المغامرات وغيرها»، مشيرا إلى مواصفات الأسرة القارئة، «هذه النوعية من الأسر لديها مكتبة منزلية، ولديها خطط لزيارات المكتبات، وتنظم آليات وأوقات للتعامل مع الأجهزة الالكترونية، وتوظف التقنية في خدمة القراءة، وتراعي الفروق الفردية بين أطفالها ولا تقارنهم بغيرهم». وأكد الحسين أهمية تهيئة البيئة الاجتماعية لتحفيز الأطفال، خصوصاً في أماكن الترفيه، التي توفر بعضها مبادرات لسيارات متنقلة كمكتبات أمام الحدائق والأسواق، وشيوع المشاركة في تحدي القراءة وتحدي الإلقاء في العالم العربي. وفي ختام الندوة تحدث عدد من الأسر، من حضور الندوة، عن تجاربهم الخاصة في القراءة، أو من خلال عملهم كتربويين، وكانت تجارب ناجحة حظيت بإعجاب الحضور.

من ناحية أخرى، زارت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات العربية المتحدة نورة بنت محمد الكعبي، المعرض يرافقها وفد من المسؤولين والمهتمين بالشأن الثقافي في دولة الإمارات. وتجول الوفد الإماراتي برفقة نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز، ومدير المعرض عبدالله الكناني، الذي قدم للضيوف شرحاً وافياً عن المعرض. وزار الوفد جناح مملكة البحرين، ضيف شرف المعرض لهذه الدورة، واطلع على ما يقدمه الجناح لزوار المعرض، كما اطلعت وزيرة الثقافة ومرافقيها على دور النشر الإمارتية المشاركة في المعرض، وبعض المبادرات المشاركة التي تهتم بالمعرفة وتدعم القراءة، إضافة إلى منصات التوقيع والجناح الخاص بالطفل، وما يقدمه من تنوع معرفي بأساليب مختلفة يغلب عليها المرح وأسلوب التعليم بالترفيه.

وأعربت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في الإمارات العربية المتحدة في تصريح صحافي عن سعادتها بزيارة معرض الرياض الدولي للكتاب، وبما شاهدته في المعرض من تطور، وقالت: «إن هذه هي الزيارة الثانية لمعرض الرياض، والإضافات التي شهدها المعرض كانت إثراءً جميلاً وإضافة رائعة، والكم الهائل من دور النشر وعدد الزوار والضيوف الحريصين على زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب هو تأكيد على متانة الثقافة والقوة الشرائية في المملكة، وتؤكد حرص أبناء المملكة على القراءة». وأبدت الوزيرة إعجابها بالجناح المخصص بالطفل وبما تضمنه من أركان متعددة، تؤكد على الاهتمام بالنشء وزيادة المعرفة والابداع لدى الأطفال، من خلال التعليم بالترفيه، مشيرة إلى أن الأفكار التي استخدمت في جناح الطفل كانت ملهمة ومبدعة، وأنه سيتم الاستفادة منها وتطبيقها في دولة الإمارات في معارض الكتاب المقبلة.

كفيفة كتابها «وعادت السندريلا إلى الحياة»

إلى ذلك، وقعت الكاتبة أبرار بنت حمود الحمود من ذوات الإعاقة البصرية كتابها «وعادت السندريلا إلى الحياة» على منصة التواقيع. وروت الكاتبة تجربتها مع مرض متلازمة «بهجت»، وهو أحد أمراض الروماتيزم النادرة، وكان سببًا في فقدها بصرها، وكيف تمكنت من مواجهة المرض وتخطيه، مؤكدة أن انضمامها لجمعية المكفوفين الخيرية كان له تأثير كبير على تأهيلها نفسيًا.

واستطاعت الحمود تطوير شخصيتها حتى أصبحت شخصية ملهمة، تدعى إلى مناسبات محلية ودولية، إذ مثلت المرأة السعودية في معسكر المرأة الخليجية الكفيفة في البحرين، للحديث عن تجربتها، لبث الأمل عند المرضى، وللتعريف بالمتلازمة والتوعية بها.

وجاء الكتاب من 121 صفحة مقسمًا إلى 28 فصلًا، تطرقت فيه إلى سيرتها الذاتية، وسبب اختيارها اسم الكتاب، مشيرة إلى أن قصة السندريلا ساعدتها على تخطي مرحلة صعبة في حياتها عانت فيها من التنمر، وعرجت على إصابتها بالمرض، ورحلتها مع العلاج، بعد ذلك تحدثت عن وقوف والدتها وعائلتها وصديقاتها إلى جانبها، إلى جانب الحديث عن مرحلة التأهيل النفسي والعلاجي الذي ساعدها على تخطي مرحلة الاكتئاب، حتى تمكنت من تكوين مجموعة دمج تضم أعضاء من حاملي نفس المرض.

من جانب آخر، استمتع زوار المعرض بحضور ورش عمل تفاعلية مصاحبة، منها ورشة أهمية الملكية الفكرية التي أسهم في إثراء محاورها بعض من أعضاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية.

تلتها ورشة «فن كتابة السيناريو» التي قدمها المتخصص في كتابة السيناريو سلمان العمري، متحدثا عن ماهية الكتابة وطرق الكتابة الإبداعية، والمدخل إلى السيناريو وطرق كتابته مع التطبيق العملي ومن ثم فن كتابة السيناريو. كما أقيمت ورشة فنية تفاعلية لأربع ساعات تحت عنوان «ترانيم ريشة» وقدمتها الفنانة ثنوى القرعاني.

تلا ذلك ورشتا عمل إحداها «خطة الكتاب») التي تطرقت إلى التأليف وأنواعه، والكتب، فكرتها وتأليفها وتصحيحها، وصناعة الكتاب والتدقيق والمراجعة والإخراج الفني له، ومن ثم الورق، أنواعه وأسعاره، وارتباطه بالسعر العالمي. أما الورشة الثانية فكانت عن «كتابة المحتوى الإبداعي» وقدمها المتخصص في الكتابة الإبداعية بلال خوجة، شارحاً طرق استلهام الأفكار وانواع المحتوى الإبداعي وأدوات الكتابة الإبداعية. ومن الورش التي شهدها الحضور ورشة «علّمه البيان») التي قدمها المتخصص في علم البيان عبدالله عادل، وتحدث من خلالها عن المدخل إلى علم البيان، الحضارة والبيان والإدهاش البياني مساراته، المفهوم اللغوي والتطبيقي.

كما يشهد الزوار عرض فيلمين أو ثلاثة يوميا، إضافة إلى إعادة عرض المسرحيات يوميًا بالتناوب.

وأوضحت مسؤولة النشاط المسرحي والأفلام في المعرض حليمة مظفر، أن العروض المسرحية تأتي ضمن النشاط الثقافي للمعرض ، مشيرة إلى أن المعرض، اختار عددًا من المسرحيات، مثل: مسرحية «حبوس»، و«جفاف»، و«ملف إنكليزي» و«أفنان عدنا». وأضافت مظفر أن المسرح يعرض لأول مرة 13 فيلمًا قصيرًا، جمعيها صناعة سعودية، تحكي عن المجتمع السعودي، وتضم حكايات اجتماعية وإنسانية. وذكرت أن معرض الكتاب تبنى عرض الأفلام السعودية، من أجل دعم الشباب والمهتمين، كما يسعى لتشجيع صنع الأفلام السعودية ودفعها للأمام.