&عواجي النعمي& &

استخدام الكلاشينكوف دليل على عجز الحروف، وصوت الطلقات تعبير عن قصور الكلمات والفكر. وكلمة إرهاب دخيلة على القاموس العربي، لم يكن لها وجود من قبل. وقد يكون من أهم أهداف العمليات الإرهابية هو خلق الاضطرابات في التوازنات الداخلية والخارجية.
قالت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردين (لقد سعى القاتل من عمله الإرهابي إلى أشياء كثيرة أحدها الشهرة، ولهذا السبب لن تسمعوني أذكر اسمه أبدا. إنه، إنه مجرم، إنه متطرف، لكن عندما أتكلم عنه سيكون بلا اسم. اذكروا أسماء أولئك الذين فقدناهم بدلا من اسم الرجل الذي سلب حياتهم. ربما سعى إلى الشهرة لكننا في نيوزيلندا لن نمنحه شيئا ولا حتى اسمه).
كذلك انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن فتى البيضة ويل كونولي، والذي رشق البيض الفاسد على رأس السيناتور فرايزر انينج صاحب العبارات العنصرية ضد الإسلام والمسلمين. لقد كان موقف كونولي يمثل النفس البشرية السوية التي تنبذ العنصرية والكراهية، وتؤمن بأن الإرهاب لا دين له ولا هوية.
بعد حادثة قتل المصلين في نيوزيلندا تعاطف العالم وتوحد ضد الفكر الإرهابي، وعادت إلى الواجهة ضرورة تجفيف منابع الإرهاب أيا كان مصدره. لقد ارتبطت كلمة الإرهاب بالإسلام وحاول البعض أن يعمم أن الإسلام هو المسؤول عن حركات الإرهاب، وأن القضاء على الحركات الإسلامية المتطرفة سيكون كفيلا بتجفيف منابع الإرهاب في العالم. وأثبتت حوادث التطرف في هولندا وفي نيوزيلندا خطأ هذا التفكير، وأن جميع الأديان يمكن أن يولد منها التطرف والإرهاب، وذلك بسبب الفهم الخاطئ للنصوص الدينية أو التحريف والتأويل لتلك النصوص.
إن ولادة الإرهاب كانت قبل الإسلام بقرون، فيذكر التاريخ أن أول عملية إرهابية قامت بها طائفة يهودية ضد الرومان، ويظل التاريخ يتحدث عن كنيسة الإسكندرية التي سحلت عالمة الرياضيات (هيباتيا) في شوارع الإسكندرية، وسحبوها بشعرها حتى البحر، ثم سلخوا جلدها بالأصداف وهي حية، ثم أحرقوها ونثروا رمادها في البحر. أما في العصر الحديث فلا زال التاريخ يحفظ ما يسمى بحقبة الرعب إبان الثورة الفرنسية، والذي كان إرهابا ممولا من الأغنياء ضد الفقراء، كذلك تفجيرات الجيش الأيرلندي، وتفجيرات مدريد، وآخرها الهجوم على مسجدي نيوزيلندا، الذي أسفر عما يقارب 50 قتيلا وعدد من الجرحى. كذلك يتحدث التاريخ عن حوادث إرهابية في التاريخ الإسلامي، كان أبرزها أعمال الحشاشين والقرامطة قديما، إلى حوادث التفجير في الحرم المكي، واغتيال السادات، واختطاف الجابرية، وتفجير لوكربي، وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.
&إن الإرهاب ليس كالحرب التقليدية، ولا يمكن للأسلحة المعقدة والرؤوس النووية أن تهزم الإرهاب. لقد أصبح العالم مقتنعا بأن الحل الأمني لمعالجة ظاهرة الإرهاب ليس كافيا، وأنه لا بد من معالجة الفكر المتطرف ونشر مبادئ التسامح والتعايش بين المجتمعات، والقضاء على مصادر تمويل الإرهاب، كذلك مواجهة الأزمات الاقتصادية، وغرس مبادئ الوحدة الوطنية التي تنبذ الطائفية والقومية والقبلية والتطرف.

&