&منير أديب&&

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القضاء على «داعش» تساؤلات مهمة تتعلق بمصير مقاتلي هذا التنظيم وادخاراته، التي تُقدر بحوالى 40 طناً من الذهب، فضلاً عن مئات الملايين من الدولارات استولى عليها على خلفية اقتحامه مدينتي الرقة والموصل في 29 حزيران (يونيو) 2014، يُضاف إلى ذلك تجارة الآثار والنفط الرائجة مع تركيا. غابت التحليلات السياسية عن قراءة الجهة، التي نُقلت إليها أموال «داعش»، غير أن غالبية المؤشرات تتجه إلى نقلها إلى تركيا، إلى أن يستعيد التنظيم عافيته من جديد.


ويؤكد ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان عن استسلام 440 مقاتلاً تابعين لـ«داعش» على دفعتين، أن صفقة ما تمت مع التنظيم الإرهابي هدفها إعادة إنتاجه. والأخطر في معادلة انتهاء «داعش» هو مصير أكثر من 800 مقاتل من أصول أوروبية تابعين له تمَّ اعتقالهم وترفض دولهم استعادتهم، ما يمثل تهديداً جديداً قد يعود من خلاله «التنظيم» مرة أخرى.

أعتقد أنه من المهم أن يتبنى المجتمع الدولي موقفاً موحداً يرتبط بالتعامل مع كل الجماعات والتنظيمات المتطرفة على حد سواء، هذا الموقف يشمل كل تنظيمات العنف والتطرف على اختلاف أنواعها بما أنها تمثل تهديداً متساوياً، فضلًا عن أنها تنهل من معين فكري واحد يحض على العنف والقتل وترويع الآمنين.

لا بد من وضع ملامح رؤية دولية لمواجهة الإرهاب تحوي تعريفاً جامعاً للإهاب لا يقتصر على رؤية نسبية للقوى الدولية لبعض الجماعات والتنظيمات المتطرفة، والتي تنظّر للجماعات المتطرفة من منطلق مصلحي صرف، إذا كانت المصلحة مع الجماعات الدينية فيتم دعمها، وإذا غابت المصلحة تُدشن تحالفات لمواجهة جماعات العنف.

ومن المهم إزاء مرحلة ما بعد «داعش» أن يكون التوجه الحقيقي محاصرة الإرهاب من مختلف نواحيه الفكرية والتنظيمية والمالية معاً، وأعتقد أنه من المهم هذا التوجه الجديد بعد سقوط «داعش» أن يكون التفكير في المواجهة الفكرية، وخاصة أن «التنظيم» مازال يعمل في الفضاء الإلكتروني عبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بعد هزيمته أمنياً حتى أصبح «الإنترنت» السلاح الأهم والأبرز لـ«داعش» خلال الفترة المقبلة، إذا فهو مازال قادراً على التجنيد والاستقطاب وهو ما يدعونا للانتباه وضرورة التعامل.

وفي هذا السياق، لا بد من إقناع المجتمع الدولي باستمرار معركة «داعش» بعد هزيمته أمنياً من خلال المواجهة الفكرية، وقد تبدو هذه المعركة أهم بكثير من المواجهة الأمنية والعسكرية، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عنها مهما كانت الظروف، وبخاصة أنها ترتبط بالتطرف الذي ينتشر بشكل غير مرئي في كثير من حالاته.

والسؤال الأهم في مرحلة ما بعد «داعش» ليس متمثلاً في الصفقة التي تمت مع «داعش» على رغم أهميتها ولا المقاتلين الذين تحركوا إلى جهة غير معلومة ولا في الأموال التي نقلت لجهة غير معلومة هي الأخرى، وإنما في فكرة المواجهة الفكرية التي لا بد أن تأخذ دورها خلال الفترة القادمة حتى نقضي على ما تبقى من أفكار التنظيم المتطرف حتى لا يعود من جديد بشكل أصعب مما كان عليه.

&