«وينشأ ناشئ الفتيان منا...على ما كان عوّده أبوه»، إحدى الأمهات كانت تعمل في مؤسسة حكومية لساعاتٍ طويلة من أجل الحفاظ على خبرتها الواسعة وتوفير لقمة العيش، وأصبحت مع مرور الوقت تدفع ضريبة غيابها الطويل وعدم التمكن من التواجد المستمر مع أطفالها، كانت ما بين السعادة في تحقيق حلمها وهو التألق والنجاح الوظيفي في مجال تخصصها وبين ضغوطات العمل التي جعلتها تنفث نيران بعض الإهمال والانشغال في وجه الأبناء. في الواقع، هذا هو الوضع الظاهر للجميع ولكن ما خفيّ أجمل وأعظم. فبعد استقرار هذه السيدة الوظيفي نجحت في السيطرة على زمام الأمور، وتمكنت من الالتزام بخطة تربوية ناجحة وإعطاء كل ذي حقٍ حقه.

عادة ما تجعل العاطفة المطلقة بعض الأمهات ينحرفن عن المسار التربوي الصحيح، فالعاطفة قد تتسبب في اتخاذ بعض القرارات التي تنعكس بشكلٍ سلبي على كلٍ من ولي الأمر والطفل، ولكن الالتزام بخطة تربوية فعالة وناجحة تساهم بشكلٍ لافت في راحة البال وتطوير أولياء الأمور والأبناء معاً وتحقيق نتائج مذهلة.

بعد فترة تمكنت تلك السيدة بتعاملها الجميل والإيجابي مع أسرتها من تحقيق نتائج مبهرة، لأنها استمرت من غير انقطاع في تحديد توقيت النوم المناسب مع أبنائها في مرحلتهم العمرية المبكرة بحيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من نظامهم اليومي، الاستعداد اليومي للنوم وقراءة القصة القصيرة الممتعة قبل النوم. حتماً لم تشغل تلك السيدة الظروف وضغوطات العمل ولا حتى كلام الناس وانتقاداتهم اللاذعة في تطبيق هذا النظام التربوي، الذي ساعد في تقريب المسافات وزاد من حب الأبناء لها.

إذاً العامل الحاسم هو جودة الوقت الذي نقضيه مع الأبناء والحب الصادق وليست الكمية، كما أن الحزم والثبات على المبدأ التربوي والمتابعة المستمرة واتباع نظام تربوي فعال له دور كبير في تكوين وصقل شخصية الأبناء اجتماعياً ونفسياً.