الكتابة عمل إنساني مؤثر، ومن الضروري أن تكون ردود الأفعال عليها إنسانية أيضاً، مهما كان الشكل الذي تقدم فيه، فالناقد مجبر على التفكير بعمق نقدي في العمل الذي يقوم بمراجعته، ويجب أن يكون قادراً على تحديد نقاط القوة والقيود في العمل، وشرح السبب، لأن ورقة المراجعة ليست مجرد ملخص للبحث الذي تم إجراؤه في المجال.

وتوفر المراجعات الإيجابية التحقق والرؤية التي تشتد الحاجة إليها في ساحة التنافس الأدبي بشكل متزايد، ومن خلال استخدام المراجعات يمكن للمؤلفين التواصل مع جمهورهم المستهدف، وبناء هويتهم الأدبية التي تدفع كتبهم إلى النجاح.

وتصبح المراجعات أقل فعالية عندما تستخدم التعليقات العامة مثل «عمل رائع»، لأن التعليقات المفيدة هي التي تهتم بتأثير الكتابة في القارئ، وتحدد ما هو جيد فيها من خلال تمييز جملة، أو عبارة، أو أية تفاصيل بارزة في العمل.

وتكون للمراجعات قيمة كبيرة عندما تقدم للكتّاب اقتراحات تحسين قابلة للتنفيذ، بدلاً من مجرد الإشارة إلى الأخطاء، فإذا لم يتم استخدام النقد الأدبي بشكل محفز ودافع للأمام فسيكون لا طائل من ورائه.

ويهتم المؤلفون الجادّون بالتعليقات والمراجعات التي تدفعهم للسعي لإضافة واستبدال الكلمات والجمل، والتي ليست في مجملها سلبية، بل تشكل خطوة إيجابية لتحسين نتائج أعمالهم الأدبية، وضمان سهولة قراءتها.

ولأن الكاتب يجد متعة في التعبير عن ذاته، فعلى النقاد التأكد من أن الكاتب يشعر بأمان يدعم دوافع الكتابة عنده، وللإفصاح عن جزء صغير من نفسه، وتحفيزه. ويتحقق هذا بتقديم الإرشاد والنصح بمهارة تجعله يقوم بإجراء التحسينات اللازمة في أعماله، مع المحافظة على استقلاليته، وشعوره بالملكية والمسؤولية.

ويصرّح كثير من الكتّاب الشباب خاصة، بأنهم يرغبون في الاستماع إلى آراء المحترفين، والنقاد، والقراء، حول أعمالهم الأدبية، وقراءة مراجعات محفزة عنها، لكنهم لا يؤخذون على محمل الجد في معظم الأحيان، لأنهم متهمون بالكتابة عن تجاربهم التي يراها البعض غير ناضجة، ولا تستحق، أو لا تكفي لتصنع تجربة يمكن تقييمها.

ويتعيّن على النقاد وكتّاب المراجعات تقديم إرشادات واضحة للكتاب حول كيفية معالجة الأخطاء إن وجدت، وليس المبالغة في تضخيمها بتعليقات سلبية يعانيها معظم الأدباء، وخصوصاً الشباب منهم ممن ينظر إلى أدبهم بمقياس أعمارهم، وليس بالحكم على مدى جودة وإبداع ما يكتبونه في حينه.

ويجب أن تقدّر الآراء النقدية فعل الكتابة، وتعترف بجهد الكاتب المبذول في توليد الأفكار، وتأليفها، وتسلط الضوء على قيمة المراجعة كأداة للتحسين، وتعزز فكرة أن الكتابة حرفة متطورة تتطلب الوقت والتفاني، وأن المتعة التي يجدها الكاتب في التعبير عما يجول في نفسه تتطلب، في المقابل، ردود فعل تأملية، ومحفزة بشكل مدروس وبنّاء، بحيث تتمتع بالقدرة على إلهام وتحفيز وتوجيه الكتّاب، ما يسهم في تحسين احترامهم لذواتهم، وتطوير هوياتهم الأدبية.