صحيح ان العراق احتل الكويت وضل يدفع المليارات من التعويضات للكويت والى وقتنا الحاضر لكن هناك حقيقة خافية على الجميع ومنها ان القيادة الكويتية ودولة الكويت شريك في جريمة احتلال وتدمير العراق في حرب الخليج الثانية، تماما كما فعل العراق بالكويت في حرب الخليج الاولى بسبب استفزاز متعمد من سعد الصباح.

اعتَقَدَ الخاطئون على مر التأريخ انهم بمأمن من عدالة الله ان سواء في الحياة الدنيا او في الحياة الآخرة، وهذه كانت غلطتهم اذ ان المرء يدفع ماعليه من ديون ان عاجلا ام اجلاً. وعلى الصعيد نفسه ستدفع الدول التي دمرت العراق في حرب الخليج الثانية، بل واحرقت الشرق الاوسط، تعويضات للشعب العراقي البريء والمغلوب على امره، اذ لم يكن العراق يشكل تهديدا حقيقيا وهذا ما اثبتته عمليات البحث عن اسلحة الدمار الشامل (بالطبع حماية اسرائيل كانت سبب الحرب) التي تبعت احتلال العراق من قبل التيار اليميني الامريكي المسعور والذي اغتصب العراق ولم يعطوا العراق الفرصة للتعافي بل كل ماحصل انهم دمروا دولة علمانية كانت خالية تماما من الارهاب والقرف، وسلموه هدية لدولة "اسلامية" متطرفة تستثمر في الارهاب وتدعمه واستعملته كأداة لنشر الخراب في انحاء المعمورة منذ توليها السلطة في ايران عام 1980. بل وتستخدم المساكين من الشباب الشيعي العراقي العاطل عن العمل كأداة للتوسع على حساب ارواح ودماء هؤلاء الشباب المغلوبون على امرهم من خلال زجهم في صراعات ليس لهم فيها لاناقة ولاجمل.
يقول الايرانيون ومن يدور في فلكهم ان الحكومة في بغداد حكومة منتخبة وهذه تعتبر اكبر نكتة في التأريخ اذ ان شرط نجاح الديمقراطية هو ان تجري بين احزاب معتدلة ضمن دولة علمانية وليست متطرفة وطائفية للنخاع، فكيف بك اذ خاض الديمقراطية المزعومة في العراق كل الاسلاميين المتطرفين الذين عرفهم العصر الحديث ممثلاً بحزب الدعوة الايراني وحزب الاخوان المتطرف ومن لف لفهم من شلة اليمينيين المتطرفين اعداء الانسانية واعداء انفسهم. 

لسنا ضد الاسلام الحداثي المعتدل ولكن اين هو هذا الاسلام، لا نكاد نجد منه الا الشعارات اذ تم تدجين الامة العربية لتكون اسلامية متطرفة منغلقة منكفئة على نفسها، نقبّوها ورموها في غيابة الجب، فأمست رافضة للاخر بدون ان تشعر وتحولت المظاهر الاسلامية القديمة هي السمة العامة لمجتمع القرن العشرين وغزو الفضاء، واصبح النقاب واللحية وقصير الثياب للرجال هو المنهج والعلامة الفارقة وليس طلب العلم والتكنلوجيا والبحث العلمي وغزو القمر. 

اقول للكويت وامريكا وانكلترا ان ذنبكم كبير واليوم الذي سيقول فيه الشعب العراقي كلمته امام العالم قريب، ذلك اليوم الذي سيتخلص فيه العراق من جوقة المتطرفين الذين يحكموه وهم في الحقيقة عملاء لأمريكا وايران وسنقيم دولة حداثية خالية من التطرف وعامرة بالحكمة والشورى. في ذلك اليوم المبارك سنرفع دعاوي التعويضات مطالبين بحقوق الشعب العراقي من المعتدين الغاصبين، من خلال دعاوي ستقدم الى محكمة العدل الدولية سنطالب بحقنا المغتصب وحقنا في العيش بسلام، اذ امسينا اليوم بلا جذور، بدون دولة وبدون جيش سوى جيش المليشيات الايرانية التي ترفع شعارات وصور ايرانية على الدبابات العراقية، وبلا شرطة الا رموز متطرفة اسلامية مخلصة للمشروع الايراني في المنطقة ومعروف ولائها لأعداء العراق. هذا ما اعطانا اياه التحالف المشبوه الكويتي الامريكي البريطاني الذي تسبب برفع صور خامنئي واعلام ايران في شوارع بغداد وباقي مدن العراق. اي مهزلة هذه بربكم.

المضحك في الموضوع هو دموع التماسيح الامريكية على الاسلاميين على مختلف الوانهم ومشاربهم والتي تجعلنا نضحك، عملاً بالمقولة المعروفة شر البلية مايُضحك، مِن ذلك بُكائهم على الاخوان المسلمين اذ رَفَضَهمْ الشعب المصري وارادوا الخلاص منه ومن قرفه، وشعاراته المتطرفة التي تعود الى عصر ماقبل التأريخ، في زمن الحداثة والالة والعقلانية والماكنة. في ذلك الحين رفضت امريكا التعاون مع السيسي بعد ثورة الشعب المصري للخلاص من مرسي وشلته، بل ارادوا الاعتراف بالدولة الاسلامية المصرية الاخوانية كما ذكرت هيلاري في مذكراتها، والعجيب بل ليس بعجب هو ان الغرب يمنع المتطرفين اليمينيين المسيحيين من خوض الانتخابات ويرفضون الدولة الدينية عندهم لكنهم يجبروننا لنقبل المتطرفين ودولتهم الدينية (المفصلة على مقاس تفسيرهم المعوّج للدين) ومرشيحهم في الانتخابات عندنا لكي يكمّلوا على دولنا وحاضرنا ومستقبلنا حتى لايكون لنا حاضر ولامستقبل، فهل الى رشدٍ من سبيل؟