في وقت شديد الدقة والحرج السياسي والتوتر الإقليمي والدولي، تراوح الأزمة الكويتية الداخلية دون حلول ناجعة وقرارات عاجلة وتحرك سياسي مباشر نحو قيادة المشهد الداخلي نحو الانفراج في حل عقدة رئاسة الوزراء بعد اعتذار الشيخ الدكتور محمد صباح السالم.

لقد تزامنت الأزمة الكويتية وما يتردد عن تعليق الدستور ووأد حياة المؤسسة الدستورية، مجلس الأمة، مع تهديدات إيرانية المنشأ وتطورات وتعقيدات عسكرية من غير اليسير التنبؤ بحالاتها العربية والفلسطينية قبل الحالة الدولية لكنها عسيرة كما يبدو على الطرف الكويتي!

تأخرت الحلول السياسية في الكويت كثيراً في الآونة الأخيرة وتأجلت أكثر وتناقضت مع بعضها البعض حتى بات المشهد اشد احتقاناً وتأزماً واستفهاماً، في حين الحلول والخيارات ممكنة ومتاحة لكنها غير مرجحة ومغيبة...ربما!.

تعثرت كثيراً تجارب قيادة رئاسة الوزراء من ذرية مبارك الصباح، التي لم يشترطها الدستور بالنسبة لرئاسة الحكومة، بل فشلت سياسياً فيما أحسب تلك التجارب في معظمها أخيراً ومن جناح السالم أيضاَ.

لا علاقة للمبايعة ولا بأسرة الصباح الحاكمة والأسرة ككل في عدم نجاح قيادة الشيوخ من ذرية مبارك لرئاسة الحكومة، فثمة العديد من العوامل والمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شكلت وتشكل اليوم تحدياً حقيقياً للأسرة الحاكمة.

إن فشل تجارب رئاسة الحكومة من أسرة الصباح الحاكمة جاءت نتيجة حتمية لطبيعة مزاج إرادة الشعب لاسيما قوى التغيير والتطوير السياسي، ونتائج انتخابية لبت نداء سمو الأمير في التقويم لمسار الانتخابات والمشاركة فيها.

تتجدد الحلول والخيارات السياسية في تبني نهج جديد لدعم فكرة رئاسة حكومية شعبية، خصوصا في ضوء عدم وجود محظور دستوري يحول دون قيادة الحكومة من أحد الشخصيات الكويتية من أصحاب الخبرة والحياد والنزاهة والحكمة.

إن نجح رئيس حكومة شعبي في قيادة رئاسة الحكومة فذلك يصب في صالح الشعب والدولة ككل، وإن لم يوفق فمن السهل اللجوء لغيره وغيره كثر من أجيال مختلفة، والهدف من ذلك النأي بأسرة الحكم من التجريح السياسي المغلظ.

والمسائلة الدستورية لرئيس الحكومة الشعبي ستكون أسهل تقبلاً سياسياً بعيداً عن جدل عقيم حول ما يتردد عن صراع شعبي وصدام بين السلطتين أو مؤامرات ضد الشيوخ، فهي معادلة غير سليمة تقوم على أقاويل ومزاعم من الباطل لابد لها أن تنجلي نهائياً.

بالتأكيد أن رئاسة الحكومة الشعبية لا ينبغي أن تحمل أي أبعاد قبلية ولا طائفية ولا فئوية ولا تحالفات مشبوهة.. رئاسة نزيهة وجريئة وشجاعة في تحمل ثقل المسؤولية والتنازل عنها في ذات الوقت إن لزم الأمر من دون تعقيدات ولا مساومات ولا مهادنات.

بلا شك إننا بحاجة سياسية ملحة لنزع فتيل الاحتقان والصدام بين السلطتين عبر التفكير العاجل بحلول ناجعة وواقعية وعملية من أجل تصحيح مسار العلاقة بينهما ومجيء رئيس حكومة جديد متوافق عليه شعبياً وبرلمانياً ووزراء لا يترعدون من الاستجواب الدستوري.

وبلا شك أن الكويت بحاجة إلى مراجعة للنهج السياسي في صناعة القرارات والسياسيات، ومن دون أدني شك أن الوقت لم يعد بصالح التأجيل والتأخير والتسويف خصوصا في ظروف إقليمية دقيقة كالتي تمر بها المنطقة.

ولعل الخيار والحل الأخر في ضوء الجزع السياسي من رئيس وزراء شعبي والتردد غير المبرر، في اللجوء إلى قيادة حكومية من خارج ذرية مبارك وهي خطوة من شأنها امتصاص الأزمة الحالية وتحفيز شباب أسرة الصباح على التأهيل وخوض المعترك السياسي بناء على قوة الدستور والقانون.

ثمة العديد من الحلول والخيارات التي يمكن بلورتها وتبنيها في المرحلة الراهنة والمستقبلية، فالظروف وتطوراتها تقتضي تحكيم تعددية الرأي والانفتاح على الآراء الأخرى، فالدول الديمقراطية لا تنقاد بالانفراد بالرأي والقرار.

ظروف وتعقيدات إقليمية ودولية تستوجب الحلول والخيارات للأزمة الكويتية قبل فوات الأوان.

*إعلامي كويتي