وصفت الولايات المتحدة اتهامات إيران "لأعدائها" بالوقوف وراء الاحتجاجات العنيفة الحالية في البلاد، بأنها "محض هراء".

واتهم علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، "أعداء إيران بالتآمر ضد بلاده"، في أول تعليق له على موجة الاحتجاجات التي دخلت يومها السادس.

وقالت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي، إن الاحتجاجات "عفوية بالكامل"، وأضافت أن الولايات المتحدة ستطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في إيران.

خامنئي ينحي باللائمة على "أعداء إيران" في اندلاع الاحتجاجات بها

6 أسباب أدت لاندلاع الاحتجاجات الأخيرة في إيران .. تعرف عليها

وبدأت الاحتجاجات، منذ الخميس الماضي، وأدت حتى الآن لمقتل 22 شخصا بحسب تقارير رسمية إيرانية.

وبدأت الاحتجاجات في مدينة مشهد وامتدت إلى مدن أخرى، كحركة احتجاجية ضد الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار ومواجهة الفساد. لكنها رفعت لاحقا شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ومناهضة للزعماء الإيرانيين ومن بينهم خامنئي والرئيس حسن روحاني.

وأجرى روحاني، الثلاثاء، مباحثات مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعا خلالها الأخير السلطات الإيرانية "لضبط النفس".

وتشير تقارير إلى أنه قد يتم تأجيل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان إلى طهران، والتي كانت مقررة الأسبوع الجاري.

ماذا وراء التراشق الأمريكي الإيراني الأخير؟

روحاني وخامنئي
Getty Images

كان المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية قد قال في منشور على موقعه الرسمي على الإنترنت "أعداء إيران استخدموا، في الأيام الأخيرة، أدوات مختلفة بما فيها الأموال والأسلحة والسياسة والاستخبارات لخلق مشاكل في الجمهورية الإسلامية".

ويقول المحللون إن خامنئي يشير بكلمة "أعداء" إلى إسرائيل والولايات المتحدة والمنافس الإقليمي المملكة العربية السعودية.

ووصفت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة هذه الاتهامات بأنها "سخيفة".

وأضافت هيلي :"الشعب في إيران يصرخ من أجل الحرية، ويجب على كل الشعوب المحبة للحرية أن تساند قضيته".

وكشفت عن أن الولايات المتحدة ستدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الاحتجاجات الحالية ضد الحكومة الإيرانية.

وتقول ندى توفيق، من بي بي سي في نيويورك، إن مجلس الأمن الدولي يتعامل مع التهديدات الدولية للسلام والأمن، لكن ليس واضحا وجود دعم كاف بين أعضاء مجلس الأمن لعقد الاجتماع الذي تريده أمريكا.

وقالت هيلي: "إن الحريات المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة تتعرض لهجوم في إيران، وتم بالفعل قتل العشرات، واعتقال مئات المحتجين".

وأضافت :"إذا كان تاريخ الديكتاتورية الإيرانية يمثل أي مؤشر نسترشد به، يمكننا توقع المزيد من الانتهاكات الفظيعة في الأيام المقبلة".

وأثار الموقف الأمريكي من الاضطرابات، الذي تضمن سلسلة من تغريدات للرئيس دونالد ترامب، ردود فعل غاضبة من القيادة الإيرانية.

وقال بهرام قاسمي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن ترامب يجب أن يركز على "القضايا الداخلية لبلاده مثل قتل عشرات الناس يوميا، ووجود ملايين من المشردين والجوعى".

واتهمت مجموعة من النواب الإصلاحيين والمعتدلين في البرلمان الإيراني الولايات المتحدة بمحاولة استغلال الوضع في البلاد.

أين اندلع العنف في إيران؟

أشارت تقارير على شبكات التواصل الاجتماعي في وقت متأخر الثلاثاء، إلى المزيد من الاضطرابات، رغم عدم التأكد منها على نحو مستقل أو الوقت المحدد لها، إلا أن التقارير تحدثت عن:

حرق مباني في مدينة بهبهان.

انتشار المظاهرات في مدينة تبريز شمال غربي إيران.

استخدام الشرطة قنابل الغاز لتفريق متظاهرين في مدينة الأحواز جنوب غربي البلاد.

وجود اضطرابات في جوهاردشت وإسلام أباد-غرب في محافظة كرمنشاه.

إيران
Reuters

وأظهرت لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتم التحقق منها، المتظاهرين وقوات الأمن في شوارع مدينة همدان؛ وكذلك إلقاء قنابل ضوئية وصوتية في رشت وحرائق في شوارع كراج.

وتم اعتقال أكثر من 450 شخصا فى طهران وحدها خلال الأيام الثلاثة الماضية.

تحليل جيرمي بوين ، محرر شؤون الشرق الأوسط في بي بي سي:

أين ستؤدي تلك المظاهرات؟

عندما بدأت الاحتجاجات، الخميس الماضي، كانت ضد الأزمة الاقتصادية الحالية لكنها اتسعت وانتشرت، وخرجت الاحباطات المكبوتة وأصبحت السياسة جزءا هاما من المظاهرات.

وتعرض الرئيس روحاني لانتقادات كبيرة. وقد خيب أمال الناخبين في تعديل أوضاع الاقتصاد المتضرر من الفساد وسوء الإدارة وكذلك سنوات الحصار.

وهناك انتقادات أيضا لدور إيران في صراعات بمنطقة الشرق الأوسط، وانتهاج سياسة خارجية مكلفة للغاية في الوقت الذي يزداد فقر الإيرانيين.

كما استهدف المتظاهرون الشخصيات البارزة في الجمهورية الإسلامية، بمن فيهم المرشد الأعلى آية الله خامنئي. والذي رد بإلقاء اللوم على قوى أجنبية في تأجيج المظاهرات.

لقد عانت إيران في الماضي من تدخل أجنبي، لذلك فإن كلماته قد تمس وترا هاما لدى البعض، ويمكن أن تؤدي إلى تعامل أكثر صرامة من قوات الأمن مع المحتجين.

ويبدو عدم وجود قادة محددون لموجة الاحتجاجات الحالية، على عكس الاحتجاجات الكبيرة بعد انتخابات الرئاسة المتنازع عليها في عام 2009.

في ذلك الوقت، كانت نخبة الجمهورية الإسلامية منقسمة. ولا يوجد هذا الانقسام حاليا مما يجعل من الصعب على الاحتجاجات أن تستمر، وقد تتبخر.

ولكن حقيقة حدوث المظاهرات أمر مهم جدا. وهي تَظهر كيف أن الإيرانيين الساخطين يعانون من فقر متزايد، بعد سنوات من القمع.

هل شهدنا مثل هذه المظاهرات من قبل؟

إنها الأكبر منذ احتجاجات ضد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009، والتي خرجت تحت شعار "الحركة الخضراء"، وشارك فيها ملايين الداعمين للمعارضة رفضا لإعلان فوز محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية.

وأدت مظاهرات "الحركة الخضراء" إلى مقتل 30 شخصا واعتقال الآلاف، فيما عَرف وقتها بأكبر نزول إلى الشوارع للاحتجاج منذ الثورة الإسلامية عام 1979.