أحمد الفراج

 أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أن وجهته الأولى في أول زيارة خارجية له، ستكون إلى المملكة العربية السعودية، ولم يكن هذا الإعلان مفاجئا لأيتام أوباما وهيلاري وحسب، بل كان مفاجئا لنا، نحن المراقبين، رغم أننا نعلم أن العلاقات السعودية- الأمريكية بدأت تعود إلى سابق عهدها، منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، خصوصا بعد زيارة سمو ولي ولي العهد لأمريكا، وما صاحب ذلك من محادثات، شملت كل الملفات المهمة على كل الأصعدة، وهي المحادثات التي لاقت تغطيات إعلامية موسعة، وسبب مفاجأة المراقبين من زيارة ترمب للرياض، هو أنها لم تجر العادة أن تكون أولى زيارات الرئيس الأمريكي الخارجية إلى بلد عربي، فمعظم الزيارات الأولى لكل الرؤساء الأمريكيين، منذ الحرب الكونية الثانية، تكون إما إلى الجارتين، كندا والمكسيك، أو إلى بلاط سينت جيمس في لندن، وهذا يؤكد ما يعرفه معظم المراقبين من أن ترمب سياسي مختلف، لا يشبه أي ممن سبقوه.

خطوة ترمب كبيرة بلا شك، وتعني تدشينا رسميا لإعادة العلاقات التاريخية الإستراتيجية بين البلدين، وتصريحه بأنه سوف يجتمع بقادة العالم الإسلامي في الرياض، يعتبر اعترافا من رئيس أقوى دولة في العالم بأن المملكة هي قائدة العالمين العربي والإسلامي، ومع أن ترمب بدأ رئاسته ببعض التعثر، إلا أن أداءه خلال الفترة الماضية، خصوصا في السياسة الخارجية، يشير إلى أنه عازم على حلحلة القضايا العالقة، والتي ساهم تردد سلفه أوباما في تفاقمها، سواء تعلق الأمر بسوريا أو اليمن أو إيران، أو تنمر روسيا والصين، وأود التوضيح هنا إلى أن ترمب لا يتحمل إلا النزر اليسير من المسؤولية، فيما يتعلق بالتعثر الذي صاحب بداية رئاسته، فالجزء الأكبر يتحمله خصومه الديمقراطيون، والإعلام المنحاز ضده، والذين كانوا، ولا يزالون، يضعون العراقيل في وجهه لأسباب أيدولوجية بحتة.

إن اختيار المملكة لتكون المحطة الخارجية الأولى لترمب، وحديثه عن أن الرياض ستجمع العديد من الزعماء للقائه، والأهم هو حديثه عن نيته الجازمة في القضاء على الإرهاب، وأن ذلك سيكون من خلال التعاون الوثيق مع الرياض، ومن على أرض الرياض، يلجم كل من اعتقد بأن الولايات المتحدة تخلت عن المملكة، وذلك بعد أن تأزمت العلاقات بين البلدين، في زمن العهد الغابر لباراك أوباما، الذي سعى إلى تحقيق إنجاز شخصي، على حساب علاقات أمريكا وشراكاتها الإستراتيجية، ومن خلال ردود الفعل المرصودة داخل أمريكا، بعد إعلان ترمب لزيارته للمملكة، يتضح أن هناك حديثا واسعا عن انحسار فترة الركود والجمود في علاقات البلدين، وحديث آخر عن المملكة الجديدة، التي تتشكل حاليا، وتلعب دورا مهما ومحوريا في كل الملفات الإقليمية، بل والعالمية، وما زيارة الرئيس ترمب المرتقبة إلا ترجمة لكل ذلك!.