غادر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القاهرة متجهاً إلى لندن في بدء زيارة رسمية لبريطانيا، وترك في جمهورية مصر وهو يغادرها نجاحات وذكريات كثيرة، وكان انطباعه والانطباع عنه في أحسن صورة، بالاتفاقيات التي وقّعت، واللقاءات التي تمت، وحفاوة الاستقبال التي قُوبل بها، والحركة الذكية بلقائه بكل من المرجعيات الإسلامية والمسيحية، ما أعطى إشارات مضيئة عن سياسة المملكة المعتدلة في تعاملها مع كل الأديان بكثير من التسامح والتفهم، على قاعدة لنا ديننا ولكم دينكم.

* *

بدأ الأمير زيارته التاريخية لبريطانيا، وكانت مظاهر الاستقبال قد تجلت لنا مبكراً بانتشار الأعلام السعودية وصور ضيف بريطانيا في شوارع لندن، وكأنها تتحدث عن زيارة غير عادية، وعن مباحثات تتجاوز التوقعات، وعن تفاهمات على أعلى المستويات، وفي أكثر من موضوع، في السياسة، في الاقتصاد، وفي كل ما يقود إلى إيجاد شراكات في المجالات التعليمية والعلمية والأمنية، دون أن تتم الزيارة بلا توافق في التصدي للإرهاب، وفرض هيبة الأمن بالتنسيق في المواقف لمواجهة الدول والمنظمات التي تمول وتدعم الإرهاب.

* *

أخذنا الأمير منذ اليوم الأول لزيارته من خلال نشاطه وعمله ولقاءاته والترتيبات المعدة للزيارة، ولم نفاجأ بمستوى اهتمام البريطانيين، والتحضير للزيارة لتكون مباحثات سموه في مستوى التوقعات وأكثر، اعتماداً على مستوى التمثيل في المباحثات سواء ما يخص منها الأمير، أو تلك التي تكون بين الوزراء المرافقين ونظرائهم من البريطانيين، وكذلك في النشاطات الثقافية والإعلامية والاستثمارية المصاحبة لبرنامج الزيارة، ما جعلنا نسلّم بما كانت تعبّر عنه وسائل الإعلام ذات المصداقية العالية في نقل المعلومة، واختيار الأسلوب الموضوعي في العرض.

* *

قبل أن يصل الأمير إلى لندن كانت قناة (CNBC) قد توقّعت بأن سموه سوف يلقى استقبالاً ملكياً خلال زيارته الرسمية إلى بريطانيا - وهذا حدث فعلاً- وأضافت أن بريطانيا تبذل أقصى جهدها للترحيب بولي العهد السعودي - وهذا هو ما تحقق- وتشير القناة إلى أن لافتات في لندن تروّج للروابط التي تجمع بريطانيا والسعودية تزامناً مع وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى لندن - وهذا أيضاً شاهده كل من هو في لندن- أي أن التوقعات لنجاح الزيارة سبقت وصول الأمير، وسوف ترافقه إلى أن يكمل الأيام المحددة للزيارة ويغادر العاصمة البريطانية مختتماً واحدة من أهم الزيارات التي شهدتها لندن منذ فترة ليست قصيرة.

* *

ففي قصر باكنجهام استقبلت الملكة إليزابيث الثانية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وخلال اللقاء تم بحث العلاقات التاريخية وروابط الصداقة بين المملكتين، فيما عقد سموه لقاءً ثنائياً مع رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا، واتفقا معاً على التصدي للتدخلات الإيرانية، وذلك قبل ترأسهما للاجتماع الأول لمجلس الشراكة الإستراتيجية السعودية- البريطاني، وجاء في لقاء الأمير برئيسة الوزراء في مقر رئاسة الوزراء (10 داوننغ ستريت) تأكيدهما على العمل للتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وإيجاد حل سياسي في اليمن، ليعلن مكتبها بالتزامن مع هذا اللقاء أن الرياض ولندن تعملان على رفع حجم التجارة البينية إلى 65 مليار جنيه إسترليني في الأعوام القادمة.

* *

في الزيارة، وخلال اليوم الأول منها، عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي -البريطاني الذي يرأس الجانب السعودي فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بينما ترأس الجانب البريطاني دولة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا، وفي الاجتماع تم استعراض العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيز شراكتهما الإستراتيجية في مختلف المجالات، وتحديداً المجالات الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والتعليمية، والصحة، والثقافة، والدفاع والأمن، بالإضافة إلى الفرص التي تتيحها رؤية المملكة 2030، إلى جانب بحث مستجدات الأوضاع المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا بما فيها محاربة الإرهاب، ومكافحة التطرف.

..... يتبع