العيد فرحة وهناء، وسعادة، وهو فرصة رائعة للالتقاء بالأهالي والأصدقاء والأحبة والتجمع بين كل هؤلاء الذين ربما لا يلتقون إلا نادراً، ربما لبعد المسافات، أو وجود بعض الأقارب في مدن أخرى، لانشغالهم بأعمالهم، ووظائفهم، فهو فرصة جيدة للتواصل مجدداً، ما يساعد على زيادة التآلف والأخوة والمودة بين العوائل والأصدقاء والأقارب، وهو فرصة أيضاً لإزالة الخلافات بين البعض، ونبذ الفرقة، والمشاحنات التي تحدث بينهم، والعودة إلى صفاء النفوس ونبذ الخلاف.

لهذا نجد أن العيد بالنسبة للأدباء والكتاب رغم ما يتسم به من فرح، ومناسبة سعيدة، إلا أننا نجد كثيراً من النصوص التي تناولت العيد، مشوبة بالحزن، كما ورد في مطلع قصيدة أبو الطيب المتنبي، كمثال:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ

فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

ربما لطبيعة الأدباء التي تترجم معاناتهم مع واقعهم، وربما لكون عدد منهم يعيش العزلة، سواء أكانت العزلة الحقيقية التي تجعله وحيداً، منصرفاً عن الناس، كما كان حال عدد من الشعراء والكتاب في التاريخ العربي، أو كانت عزلته داخلية، «العزلة الخفيفة» -كما يسمونها- التي تجعل منه حتى لو كان موجوداً بين الناس، لكنه ليس حاضراً سوى بجسده فقط.

اليوم ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي باتت تهاني العيد معتمدة اعتماداً كلياً على الرسائل الصامتة، الرسائل الجماعية التي تفتقد للروح والميزة الجميلة السابقة التي ارتبطت باللقاء المباشرة والتهنئة المباشرة أو حتى الاتصال الهاتفي الذي يجعلني أستمع إلى مشاعر المتصل وأشعر بحميميته وجمال تهنئته لي بهذه المناسبة السعيدة.

هل يعني ذلك أننا ننحو في اتجاه جمود المشاعر التي خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي، أعتقد أن هذا الأمر بحاجة إلى دراسة جادة من قبل المختصين في علم الاجتماعي، كي نتمكن من التوقف على عادات جديدة بلدت لدينا وأفقدتنا كل تلك المشاعر الجميلة.