تثبت معطيات التاريخ كل يوم أن جينات الكرم سعودية متأصلة، يؤكدها الواقع الذي نعيشه، فالمملكة منذ فجر التاريخ تؤسس لمجتمع متسامح يقوم على المحبة والود والتراحم بين كل أفراده، ومن يشاركونه الحياة على هذه الأرض الطاهرة من مقيمين من مختلف الجنسيات والأديان، فالجميع يتنفس نسيماً يرتقي بأخلاق الإنسان، ويشرب من معين الأصالة والتاريخ، وينعم بأجواء من الروحانية والسماحة الإنسانية المتفردة.

إن المملكة تؤسس لقيم الخير والعطاء تأسيساً مؤسسياً، يتمثل في رؤية وطنية، وضعت استراتيجية تنظم العمل الخيري، وتنظم المنظمات والجمعيات غير الربحية؛ لتقديم الدعم للمستفيدين، عبر أطر نظامية واضحة المعالم، في ظل وجود أعداد كبيرة من المؤسسات الخيرية والاجتماعية التي تُعنى بشرائح مجتمعية محتاجة أو مريضة أو معوزة.

هذا المناخ الذي يمتاز بالرقي كان دافعاً وملهماً لحملة "جود الإسكان"، عبر منصتها الإلكترونية، لتكون العنصر الداعم ومن أهم مبادرات مؤسسة الإسكان التنموي الأهلية، التي تهدف إلى إشراك المجتمع أفراداً ومنظمات في العطاء الخيري السكني، من خلال منصة إلكترونية تحقق الشفافية والدقة والاحترافية في تقديم المساهمة الخيرية، ووصول التبرعات لمكانها الطبيعي بسرعة وفعالية؛ وتحقيق التكافل الاجتماعي في مجال الإسكان الخيري، وفق آلية مُحَوْكمة تضمن إيصال العطاء الخيري إلى مستحقيه.

لقد كان دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بتبرعين سخيين بمبلغ 150 مليون ريال لحملة جود المناطق التابعة لمنصة جود الإسكان، في إطار ما يوليانه من اهتمام ودعم مستمر لبرامج الإسكان، وللجهود والمبادرات الوطنية كافة التي تستهدف توفير المساكن للأسر الأكثر احتياجاً في المملكة؛ دافعاً لجموع المواطنين لتقديم تبرعاتهم في تلك الأيام الروحانية، بعطاء غير مسبوق، كما كان لرجال الأعمال والميسورين الدور الكبير في تقديم إعانات وتبرعات بصورة دورية لفئات تحتاج إلى الدعم والمساندة، وهذا يؤكد أن السعوديين محبون للخير والعطاء، ويحرصون على تأصيل أخلاق الكرم وصفات المروءة والشهامة وحب الخير، والسعي المجتمعي لبث مشاعر المودة والمحبة في نفوس الأجيال الجديدة، لتظل بلادنا نبعاً لا ينضب معينه للخير والعطاء والضيافة والكرم والجود غير المحدود.

من مقومات نجاح حملة "جود الإسكان"، أنها شملت أرجاء المملكة، ووصلت التبرعات إلى أكثر من 800 مليون ريال خلال فترة وجيزة؛ سيكون لها الأثر الكبير في توفير الوحدات السكنية الملائمة للأسر الأكثر احتياجاً، ضمن الجهود المتواصلة التي تعمل عليها منصة جود الإسكان منذ انطلاقها، ومن بينها حملة جود المناطق التي تم تدشينها في شهر رمضان 1445هـ؛ لتحقيق المستهدف من حملة جود المناطق، التي تسعى إلى توفير أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية للأسر الأشد حاجة من خلال المساهمات المجتمعية الشعبية، بدعم من القيادة الرشيدة.

وستتواصل منظومة العطاء من الشعب السعودي؛ لتقديم المستفيدين في أرجاء المملكة، ليس في الإسكان فقط، بل في كل سبل العيش الآمن الصحي؛ لتحسين جودة الحياة للإنسان على أرض المملكة العامرة.