حضر المراجع الشاب لأحد المستشفيات الخاصة في الموعد المحدد، لكن موظفة التسجيل والاستقبال تأخرت، وكذلك الطبيبة، الموجود الوحيد الملتزم بساعات العمل كان الممرضة، ورغم ذلك هي التي تلقت كلمات غضب المراجع القاسية وانفعالاته الصارخة، كنت بالصدفة حاضراً لهذا المشهد ولفت نظري قوة انفعال المراجع وكلماته القاسية. حضرت الطبيبة، واتضح أن المراجع لم تكتمل إجراءات تسجيله أي أنه في النظام لم يدفع لكنه كان يصر على الدخول إلى الطبيبة، جلس بجانبي في مقاعد الانتظار بينما تتم حل مشكلته، حاولت من باب المساعدة والفضول الإداري والدعم الإنساني أن أساعده على الهدوء وحل المشكلة وكنا في صباح رمضاني، قلت له: ألا تعتقد أن الممرضة لا ذنب لها في هذا الموضوع؟ قال: صحيح، لكنها لم ترد على أسئلتي باحترام.

إجابة المراجع لسؤالي لم تكن مقنعة لأنه كان يصرخ فيها وكأنها هي سبب التأخير، التعامل مع شاب منفعل يتطلب الهدوء وشيئاً من الحكمة، لذلك اخترت أن أغير مسار الحديث، فقلت له: تصدق، عرفت من أي منطقة أنت وأين درست. قال: كيف عرفت؟ قلت: من لهجتك ومن الكلمات الإنجليزية القاسية التي استخدمتها مع الممرضة، لاحظت أن الشاب المنفعل جذبه هذا الحديث فقادنا هذا الجو الهادئ إلى حوار في موضوعات بعيدة عن مشكلته بما فيها كرة القدم حيث طرب لهذا الموضوع وأبدى مهارة في التحليل الفني تفوق بعض من يظهرون في الوسائل الإعلامية، ولعلي ساهمت في تحقيق الهدوء.

بعد كل الدراما وحضور الجميع اتضح أن المراجع عنده مشكلة في التأمين! وحضر الموظف المختص وتم حل المشكلة.

الأكيد أن من حق المراجع (العميل) أن يحصل على الخدمة المطلوبة التي دفع من أجلها، وأن التزام الفريق الطبي والإداري بساعات العمل واجب ومسؤولية تعكس بيئة العمل وثقافة المنظمة. الأكيد أيضاً أن (العميل) بالغ في انفعالاته وغضبه، وأن الموظفين يحتاجون إلى تطوير مهاراتهم في التعامل مع مثل هذه الحالات. والأكيد كذلك أننا جميعاً بحاجة في رمضان وغير رمضان إلى التدريب في كيفية السيطرة على الغضب. الإنسان يتسرع أحياناً في رد الفعل تجاه بعض المواقف ثم يتضح له بالنظام وبالقانون أنه على خطأ كما يحصل أحياناً في حوادث السيارات.. الغضب لا يحل المشكلات، القانون هو الحل.

سؤال المقال: هل العميل دائماً على حق؟