كنتُ قد بينتُ في مقال سابق " الأكراد، وعربُ العراق . كيف تَستخدمُنا الدول ؟" معلومات حقيقية ودلائل ثابتة ، مألها أن الأنزواء القومي الكردي بنية إعلان الأنفصال عن الدولة العراقية هي بادرة خطيرة تفهمها القيادات الكردية والعربية تماماً ، مع أن فهمها التاريخي لبعض الطارئين على الحياة السياسية قد يأخذهم وقت أطول، خاصةً مَن إنتابتهم روح التشنج والسلبية ومشاعر الأنطواء المناطقي وقليل من الأنفتاحية والايجابيةللتأني في فهم الحالة الكردية ، تخطوا القراءة الصحيحة لجيوبولتيكية المنطقة بعقلية يمكن وصفها بالأبواب المقفلة المغلقة.

 

وإليكم اليوم ما تفصح عنه الطبقة السياسية العراقيةعن المصالحة الوطنية التي تدور حول محور لعبة المناطقية في لوم الآخر. سلبية هذه اللعبة المخجلة دامت 13 عاماً ، وقادها عصاة المصالحة السياسية والتسوية وهم يرحبون بوفود الخارج في قصورهم ومكاتبهم وكراسيهم المتوجة ويتكلمون عن أبناء شعبهم الذينتكتظ بهم خيام الصيف والشتاء. العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي لايتمكن سياسيوه المنتخبون تحقيق المصالحة الوطنية وكفاءاتهم لاتتعدى الخطاب السياسي المشوه لتعليل ذلك الفشل .

الطارئون والدخلاءعلى العمل الوطني منذ أيام نضالناالوطني والصراع اليومي للخروج من قبضة الدكتاتورية الفردية السادية الأنفالية، لهم صوت وهم كثر ويزدادون كثراً وكفراً بالهوية الوطنية العراقية. وأفكارهم للحالة المذهبية والقومية يتخللها القلق وينتاب بعضهم حالة من التعطش للإدلاء من شاشة تلفزيونية، بما يعرفه عن النزعات القومية الكردية والعربية وما هو الأوفق لها في الأمان والسلام والأزدهار والتقدم . 

تتفاقم صور الأجابة والتسرع المتهور بشكل غير طبيعيمن فصائل عربية وكردية فتحت لنفسها دكاكين المزايدة السياسية وأغلقت كل أبواب التفاهم وجسور التأخي وإستغنت عن طرق الأتصال الوطنية لِما هو الأصلح لخير أهل العراق . 

ومن السهولة تعريف هذه الفصائل وإدخالها للقارئ في حقل سياسي معروف ملخصه :

1. الإحتكام والإصغاء لدول التدخل الخارجيوتفويض مؤسسات ومفوضيات خارجية لاعلاقة لها بالعراق لإنتقاء الحلول ، والأستماع بشغف لمن لايحق لها وضع لمسات مستقبل أبناءه .

2. الآحتكام والأنجرار الى مرجعيات مذهبية والأنغماس المذهبي والعشائري المناطقي العاطفي معها .

3. رفض نصوص اي تسوية سياسية وطنية لأيقاف نزيف الدم والأنغلاق المتشنج يجعلهم في عالم لاتريد أن تكون منه و فيه .

4. إنجاز ونجاح مشروع هو مالا يناقشه ولايفصح عنه مجلس النواب ، ومسؤولوه لايناقشون تبني مشروع التسوية الوطنية ولايناقشون تبني تحول دول العالم من أعمدة الكهرباءالى الطاقة الشمسية الرخيصة لتوليد الطاقة كما هو الجاري حالياً ، او التغيير السريع في إدخال وتشغيل الطاقةالكهربائية بمفاعلات نووية كما هي الحال في دول محيطة بالعراق . 

5. عراق المتاجرة بالمذاهب يمر بحالة ركود وجمود الأنجاز ولايخرج الى واقع العمل والذي أستطيع أن اطلق عليه حالة

​Gridlock - Deadlock – Landlock

هذا النموذج الفكري يصعب فهمه. فهو يقع بين الطيبة المفرطة والغباء، ولِما للقبول به والتسليم به من مخاطر يرتضيها أهل الرأي المُحرض على منع المصالحة وفرضالمزيد من نصوص الكراهية والانشقاق والأنجرار الى الطبيعة البشرية للقتلة المشوهين لتاريخ العراق وحضارته .

نفوذ الطبقة السياسية بسلطاتها الثلاث قادها الى التجبر والتحجر ومشاعر الأنطواء العشائري والمذهبي والقومي في كل مايتعلق بتحقيق إنجاح عملية المصالحة والتسوية الوطنية وتسهيل سبلها ، لإنعدامالأمن وانتشار الجريمة واستمرار عنف الفصائل المذهبيةالمتطرفة ومؤيديها. أعضاءهذه الفصائل يركبون أفكار بعضهم البعض ، بإضافات وإقتراحات ويركبهم آخرون من دول الخارج بإضافات أخرى . وما لاتفصح عنه الطبقة السياسية العراقية بالإضافة الى ماذكرته هو أنها تختلف ولحد هذه اللحظة على إمكانية فتح الطريق الحيوي التجاري الدولي الذي يربط مابين العراق والأردن لخضوعه ل( حكم المناطقية) ومن يتحكم به . وطرق تجارية أخرى تحدث فيها عراقيل ورسوم وأتاوات ورشاوى يدفعها سواق الشاحنات "خارج سلطة القانون" وتفرض عليهم من قبل عناصر أمنية عند مداخل العاصمة بغداد.

وما لاتفصح عنه الطبقة السياسية هو قلة معرفتها بأن الأنسان هو الثروة القوية الذي يمتلك سبل ووسائل التقدم الصناعي والعمراني والتكنولوجي والتجاري والإقتصادي والفني في العالم . 

الأسئلة العامة التي نود أن يوصلونا إلى نتائجها "إن وجدت" : ماهو النموذج الأمثل لتقدم الأنسان الذي تستطيع أن تفصح عنه فصائل الطبقة السياسية العراقية ؟ وماهو القسم الوطني الدستوري الذي مُنحهم السلطة والسائرين في ركابهم ولم يستطعيوا التعبير عنه دون غطاء إقليمي أو دولي خارجي ؟ 

ضياء الحكيم 

كاتب وباحث سياسي