&
ليس جديدا ما حدث في بروكسل من تقجيرات واحداث مرتبطة بالنشاطات الاسلاموية، وبالتاكيد انها محطة من المحطات الاوربية وغيرها من المحطات العالمية التي عانت من هذا النشاط الاسلاموي المثير للاستهجان والاستغراب. ولكن ان نستهجن وان نستغرب وان ندين هذه الأفعال الإرهابية، هو امر اقل ما نقدر على القيام به، ولكن ان نحلل ونبحث فهو امر في غاية الأهمية لكي ندرك مكامن الخطاء ونتمكن من ان نحدد العلاجات الضرورية لهذه الحالة.
ولكن المثير للاشمئزاز والمقرف، في غالبية من يتصدى للتحليل وتبيان أسباب ما حدث وفي اغلب المراحل التي رافقت ما قام به الاسلامويين، هو ان تكون تلك التحليلات بصورة عامة متشابه ونمطية وتضع اللوم على الضحية بأكثر مما تبين حقا حقيقة الامر والأسباب المؤدية لوقوع مثل هذه الجرائم التي لا تغتفر.
فالمحللون يؤكدون ويصرون على التأكيد، ان السبب الرئيسي للهجمات الإسلامية ومن قبل المسلمين الذين ولدوا وتربوا في اوربا من الجيل الثاني او الثالث حتى، هو الشعور بالتهميش والعنصرية الاوربية تجاههم، وخصوصا من ناحية توفير الاعمال والتقدم في المكانة الاجتماعية والاقتصادية، والامر الاخر الذي لا يزال يؤكد عليه هؤلاء المحللون الفطاحل ان الإرث الاستعماري هو سبب اخر إضافي لما يقوم به الاسلامويين، وهي حالة من حالات الانتقام للبشاعات التي اقترفها الاستعمار، ابان حكمهم للبلدان التي قدموا منها فرسان الصولات الاسلاموية. والنقطة الإخرى هي الموقف من القضية الفلسطينية. ورغم اننا باعتقادي والكثيرين قد دحضنا مثل هذه الأسباب التي لا تمت بالحقيقة بصلة، الا انه يتراي لي ان إصرار المحللين على هذه الأسباب والابتعاد عن ذكر السبب الحقيقي له غايتان لا ثالث لها، وهي ترك الأمور لتجري على هذا المنوال ولتكون ما تكون النتائج، أي بلا ادنى مبالاة بهذه النتائج التي ستدمر المنطقة التي نحن منها كلها، او الاعتقاد التام بان الإسلام والمسلمين منزهين وفوق كل الأخطاء وكل ما يحدث هو بسبب الاخرين، وبالتالي فعلى الاخرين ان يغيروا ما بأنفسهم لكي لا يصيبهم غضب المسلمين.
ان هؤلاء المحللين ينسون او يتناسون، ان اوربا تضم عشرات بل مئات الجاليات ومن مختلف البلدان، ينطبق عليها ما ينطبق على الجاليات المسلمة، فهم من الجيل الثاني والثالث، ووضعهم الاقتصادي او الاجتماعي ادنى من الناحية التطور الاجتماعي والتقدم الاقتصادي الملقي على الفرد نفسه وليس من الناحية القانونية او قد يتعرضون لتمييز عنصري من بعض الأشخاص وهنا أيضا من افراد وليس بفعل قانون ما. والكثير من هذه الجاليات سواء كانت من افريقيا او الكاريبي او اسيا (الهند والصين وفيتنام) تعرضت للاستعمار مثل البلدان العربية، السؤال المنطقي هو لماذا لا يقوم افراد من هذه الجاليات بالعمليات الإرهابية لتصحيح وضعهم مثلا او للانتقام لما تعرضت له بلدانهم في الحقب الاستعمارية؟ &وهنا إشارة مهمة وعنصرية يريد المحللين او بعض المسلمين تمريرها وهي ان المسلم بنظرهم &مرتبة اعلى من الاخرين وعليه ان ينتقم لاي شعور صحيحا كان او غير صحيح بالاضظهاد او التماييز ضده. وانه بفعل كونه مسلما فمن حقه دون سواه ان يرد وان يطالب وان يطاع في مطالبه.
اما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فبالتاكيد ان القول العربي المشهور (قميص عثمان) كافي ليفسر كل ذلك، فاكثر من اضر الفلسطينيين هم العرب المسلمين وليس غيرهم، فهم من تاجر بهذه القضية واخرجها من كونها قضية وطنية عادلة، الى قضية للمتاجرة ولانتقام ولترويج سياسات محددة، على حساب دماء الفلسطينين ومواطني بلدانهم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لو كل بلد او شعب او معتقد كانت له قضية عادلة او يعتقد بعدالتها، وقام بما يقوم به المسلمين، فان الاعمال الإرهابية لن تكون من الاخبار العادية بل ستكون من الاخبار اليومية او في كل ساعة سنسمع خبر عن عمل انتقامي لما حدث في بورما او الهند او السيلان او كامرون او افريقيا الجنوبية وهلم جر، لا بل ان الصين بما تمتلكه من الأسلحة والقدرات الاقتصادية والعدد الهائل من السكان لكانت قد اكتسحت تايوان وضمتها بالقوة فارضة ارادتها بغض النظر عن راي العالم كله. ان قضية فلسطين هي اكبر كذبة ابتلت بها المنطقة وعانى من هذه الكذبة شعوب المنطقة، حروبا وانقسامات وتمييزا وتدميرا وهدرا لموارد اقتصادية هائلة.
لنفترض مرة أخرى ان كل دعاوي المحللين لاسباب ما قام به المسلمين هي صحيحة نسبيا او كليا، فان تواجد المسلمين كجالية في بلجيكا يعود الى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي وبعد اقل من عشرين سنة من هذا التواجد اعترفت بلجيكا بالإسلام كاحد الأديان القائمة فيها من الناحية القانونية، وان الأعياد الإسلامية يوم عطلة في بلجيكا،وان بلجيكا &تعترف بالمساجد رسميا وتتكفل الحكومة بجزء من نفقاتها وتدفع رواتب اغلب ائمتها، وان من حق أطفال المسلمين تعلم دينهم ويقوم بذلك مدرسون تدفع الدولة رواتبهم، وان هناك عدد لا باس به من أعضاء البرلمان والبرلمانات المحلية من المسلمين. وان بلجيكا لم تكن يوما دولة استعمرت بلدا إسلاميا وانها لم تتدخل في القضية الفلسطينية. مقابل هذه الامتيازات لابناء جالية قدمت منذ اقل من قرن، نجد ان الامازيغ وهم السكان الأصليين لشمال افريقيا لم ينالوا الاعتراف الرسمي بلغتهم الا في الآونة الأخيرة، وتعرض الاشوريين للتهجير والاضظهاد والقتل والتمييز العنصري في شتى المجالات والان يتعرضون لحملة همجية لتهجيرهيم وترك ارضهم التاريخية ووجودهم يرقى لاكثر من ستة الاف سنة على ارض العراق وسوريا، والكورد لم ينالوا حقوقهم الا بشق الانفس وبعد ان قاموا بثورات كثيرة وفقدوا من ابناءهم الكثير وهم سكان اصليين أيضا ووجودهم سبق وجود هذه الدول العراق وسوريا وتركيا، والصابئة والازيدية مثال اخر، يا ترى السؤال المنطقي، اليس من حق هذه الشعوب والمكونات الانتقام، ممن اقترف بهم كل ذلك؟
الواضح وبصريح العبارة ولكي نتمكن من نضع اصبعنا على الجرح لكي نعالجه، العلة في التربية الدينية، والمفاهيم الإسلامية المستوردة من القرون الخوالي، والتي تتنافي مع كل قيم العصر. ان العلة في الإسلام الذي يتم شحنه في عقول الناس والذي يجعلهم في عداء مستحكم مع كل الأديان الأخرى. ان الكثير من النعم التي وفرتها لنا التكنلوجيا، تم استغلالها ابشع استغلال لزرع الفتن والتكفير والتهجم والانتقاص من الاخرين، مثال ذلك القنواة الفضائية التي فتحت استوديوهاتها لمن باتوا اية العصر وهم الدعاة ممن شحنوا العقول بالكره للعالم كله. العلاج هو في قطع دابر هؤلاء وإعادة قراءة الإسلام بروح عصرية ونقد التناقضات الموجودة، وليس التلاعب بالالفاظ، كما يقولون ان الإسلام قال لكم دينكم ولي ديني ولكنهم لا يقولون ان قول منسوب لنبي الإسلام يلغي اية قرانية وهو من بدل دينه فاقتلوه. وغيرها من الايات التي يتم تسويقها للاخر ولكن في الخاص يقال انها منسوخة.
&