في لفتة تكريمية لعطاءاتها وإنجازاتها في عالم المسرح اللبناني، نظّمت الجامعة اللبنانية الأميركية احتفالاً لها على مسرح «أروين هول أوديتوريوم» في حرمها. وتعدّ الأشقر من روّاد المسرح اللبناني ومؤسسيه، إذ أخذت على عاتقها تحريكه وتحديثه متجاوزةً حدوده الجغرافية لتطال بلدان عربية مختلفة. واستُهلّ برنامج الحفل التكريمي بكلمة لمدير قسم الإعلام والفنون في الجامعة المذكورة جاد ملكي، تلته كلمة لمدير الجامعة الدكتور جوزف جبرا، وعرض غنائي مع الفنانة رفقا وزق وعازف القانون جان عيد، أشرف عليه الاختصاصي في عالم الموسيقى الدكتور نداء أبو مراد وزميله في التعليم الجامعي غسان سحاب. كما عُرض فيلم قصير بعنوان «ورشة عمل و5 حكايات مع نضال الأشقر»، من تنفيذ طلّاب قسم الفنون في الجامعة بالتعاون مع الكاتبة والمخرجة المسرحية لينا أبيض وبمشاركة نضال الأشقر كممثلة. وجرى عرض مسرحية «توليفات نضال» ومدتها 15 دقيقة وتتناول المحطات البارزة في مسيرة الأشقر منذ نحو نصف قرن حتى اليوم. وشارك فيها مجموعة من الممثلات أمثال برناديت حديب وباسكال جلوف وماريا عليان وهي من إخراج عوض عوض.


واختُتمت الأمسية بعد كلمة ألقتها الأشقر تسلّمت إثرها الجائزة التكريمية بحفل غنائي من توقيع جوزف خليفة، أنشد فيه كل من سلام جحا وماريان علوان أغاني للرحابنة برفقة فريق عازف على آلات البيانو والكمان والبزق والطبلة والرق.
ونضال الأشقر التي سبق وكُرِّمت أكثر من مرة في لبنان وفرنسا وتونس والقاهرة وغيرها، ونالت أوسمة وطنية رفيعة المستوى، عبّرت عن سعادتها بهذا التكريم الموقّع من جامعة لبنانية عريقة. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «فرحتي كبيرة لتكريمي من ناحية ولمشاركتي طلاب قسم الفنون ورشتي عمل سينمائية ومسرحية. فلقد كانت تجربة جميلة تعاونت فيها مع سابين شمعة وطلابها في قسم الفنون وكذلك مع المخرجة لينا أبيض التي لها بصمتها العريقة على خشبة المسرح اللبناني الحديث». وعن الأسباب التي تحفّزها للتّمتع بطاقة عمل كبيرة منذ 50 سنة حتى اليوم ترد: «هذه الطاقة التي أتمتّع بها أغذّيها من المواهب الشابة التي ألتقيها بشكل دائم فتشعرني كأنّني أبدأ من جديد. فالمسرح مدرسة شعبية في حد ذاته وبمثابة مكان لا يفرّق بين عرق وطائفة ومستوى اجتماعي فهو يفتح أبوابه للجميع. ولطالما انحسرت تطلعاتي بتأسيس مجتمع مدني مثقف في بيروت يتذوق المسرح. فالمقاهي التي كانت في الماضي تشكّل فسحة لإبداء الآراء والتحاور بها من قبل المثقفين والفنانين والإعلاميين لم تعد موجودة اليوم، وبات المسرح بديلاً لها وملاذاً يحضن تحت سقفه مجتمعاً متنوعاً».


وتشير الأشقر إلى أنّها معجبة كثيراً بمواهب مسرحية وفنية شابة تجتهد للارتقاء بالمسرح إلى المستوى المطلوب. وتقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون المسرح المتنفس الوحيد المتوفّر اليوم لشباب لبنان كون الدولة لا تؤمِّن لهم أي أمكنة أخرى باستطاعتهم أن يقصدوها بكلفة رمزية أو حتى مجاناً. فجميع الدول المجاورة كقبرص وتونس وغيرها تفكّر بشبابها وتوفّر لهم شواطئ مجانية وحدائق عامة وغيرها من الأماكن التي تساهم في تعزيز راحتهم وتطوير أفكارهم وتطلعاتهم، وهذا ما ينقصنا في لبنان». وعمّا إذا راودها الاستسلام يوماً ما في غياب أي دعم للمسرح من قبل الدولة اللبنانية ترد: «لم أستسلم يوماً فلديّ قناعاتي الرّاسخة بأنّنا سننجح في تقديم الأفضل بعيداً عن زواريب السّياسة. فهناك من يطالبني بدخول هذا المجال لإحداث الفرق في مجال الثّقافة. ولكنّني أمارس هذه المهمة من موقعي ككاتبة ومخرجة وممثلة مسرحية وعلى طريقتي».


والمعروف أنّ نضال الأشقر فنانة مسرحية لبنانية لعبت في الستينات والسبعينات دوراً أساسياً في تحريك الفن المسرحي اللبناني والعربي، مشاركةً في تحديثه وتجديد تعبيراته ولغته وأدواته. كما أسست مع مجموعة من الفنانين اللبنانيين «محترف بيروت للمسرح»، ومع فنانين عرب فرقة «الممثلون العرب»، فجالت عروضها في مختلف البلاد العربية والأوروبية. وفي عام 1994 أسّست نضال الأشقر مسرح «المدينة» في بيروت الذي يشهد منذ افتتاحه حتى اليوم عروضاً مسرحية وورش عمل لجميع أنواع الأنشطة الثقافية. فقدمت العديد من الشّراكات والفنانين المحليين والدُّوليين على خشبته.
وهي تردّد بأنّ هدف مسرح «المدينة» هو تشجيع الحوار وخلق مساحة من حرية التعبير لجميع القضايا التي تواجه المجتمعات اللبنانية والعربية. وبأنّه منصة متعدّدة التخصصات مع رؤية لجمع الفنانين والكتاب والمثقفين لتمكينهم من تقديم أعمالهم بالإضافة إلى المسرحيات والعروض الموسيقية والغنائية.

&