عند بعض المشاهير، إثارة الرأي العام متعة وكسب المال غاية يبحثون عنها. ولو تأملنا في مواقع التواصل الاجتماعي، نلاحظ أن هناك نسبة كبيرة جداً أصبحت تفتقر إلى القيم، وتحمل تفاهات تفاصيلها تقول أنا أجني منك الربح بمجرد أن تهاجمني بالرد!

لم أستطع تجاوز مقطع لفنانة، عفواً مذيعة، دخلت على خط الإذاعة بقدرة قادر، وهي تحاور ضيفها عن خطيبته، وقد قاطعته قائلة: "نصيحة مني لا تتزوجي فناناً، وخذيها مني عن تجربة"، وهي ترد على الضيف بطريقةِ مُضحكة!

عفواً أيتها الفنانة... المذيع لا يبدي رأيه، بل يسأل ويشاكس في الأسئلة، ليخرج بزبدة معرفية تهم المشاهد، هذا إن كان المشاهد صاحب عقلٍ وحكمة.

أي تجربة زواج تنتهي بالطلاق تعد حالة لا يصح تعميمها، فمن فشلت في زواجها من فنان، فذلك لا يعني أن كل الزيجات مستقبلاً ستفشل، والعكس صحيح كذلك. المشاهد أو المتابع، أياً يكن مستواه المعرفي والتعليمي، سيحدثه عقله بأن المقصود من رد الفنانة ينحصر في كلمات وقعها كبير على النسيج الاجتماعي، فهي كأنما تقول: نصيحتي للرجال لا تتزوجوا بفنانات! وهنا مسألة تستحق التوقف عندها: فلم يتخلص المجتمع من فكرة عدم الزواج من الطبيبات والممرضات إلا ودخلت فكرة عدم الزواج من الفنانات والفنانين على خط الغباء البائس!

الفنان القدير لم يكتب أمام اسمه فنان قدير، بل الجمهور من يمنح اللقب ومستوى ما يقدمه شهادة العبور نحو النجومية والتألق. الفنان الحقيقي يؤدي دوره الفني بحب وتعطش، يكتم أسرار المهنة وما يدور خلف الكواليس، خصوصاً إذا تعلقت بتفاصيل حياته الشخصية.

نحنُ اليوم في مرحلة يمكن تسميتها بإعادة تأسيس صناعة الفن السعودي بعد سنوات من الغياب القسري والظلام الدامس، السعودية وفي رؤيتها 2030 اهتمت بكل شيء، والفن من ضمن الاهتمامات لأهميته الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وخروج فنان أو فنانة بعبارات تهكمية واقحام الحياة الشخصية بقالب الفن وإخراجها بمظهر مزري لا يشجع النهضة الفنية بل يصيبها بمقتل، فالفنان والفنانة أبناء المجتمع، ولهما الحق في ممارسة الحياة بتفاصيلها الدقيقة بكل حرية بعيداً عن التشويه أو محاولات زرع أفكار خاطئة عن تلك الفئة البشرية.

بالأمس القريب كانت الفنانه شيرين واليوم هبة.. فهل هذه مشاغبة نسوية لتشوية صورة المهن المذكرة؟

أعتقد أن الوقوف احتراماً للفنان السعودي سيعيد للفن حيويته بعد أن كاد يقتله التعميم المشاغب، فلنقف قليلاً احتراماً لكل فنان سعودي عمل من أجل الفن ولم يقحم حياته الخاصة في ذلك القالب الجميل.