ما زالت العلاقة على توتراتها التاريخية بين الأنظمة الدكتاتورية في إيران والدول العربية منذ عصر الشاهنشاهية وما قبلها، وحتى سلطة الملالي الفاشية القائمة التي تثير فتنة طائفية (شيعية/ سُنية) في المنطقة، ويحاول الملالي بسط نفوذهم وهيمنتهم وتأثيرهم على الدول العربية بسطوة السلاح الموالي والمخدرات من خلال زمر الميليشيات المتطرفة وتجار المخدرات، ويسعى ملالي إيران لتعزيز نفوذهم وفرض سطوتهم على المنطقة بدعم غربي القصد منه ترويض المنطقة ورسم سياساتها بما يتماشى مع المصالح الأميركية والغربية، الأمر الذي يوفر دعماً وغطاءً دولياً لاستمرار تدخلات نظام ولاية الفقيه في الشؤون العربية وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى في المنطقة.

تُجرى مفاوضات سرية هنا وهناك تارة بين الغرب والملالي، وتارة بين أميركا والملالي، وجميعها بوساطة عربية، آخرها كان قبل بضعة أيام في سلطنة عُمان... قالوا إنها سرية! أما لماذا أعلنوها فالله ومن استضافوها أعلم؟ لكن الحقيقة أن المستضيف والغرب يسعيان إلى الحفاظ على نظام الملالي! ونتساءل هل أن ما سربوه للإعلام حقيقة أو جزءاً منها؟ لا نعلم أيضاً... ولكن لا يمكننا أن نثق في مصداقية ما يجري بسبب تاريخ حافل من الخداع والمناورة من قبل كلا الطرفين الملالي في جانب والغرب والأميركان في الجانب الآخر... الجانب المساند لدكتاتورية الملالي كخلفاء لدكتاتورية الشاه ولم يعد هذا الإسناد خافياً على أحد.

حرنا في أمرك أيها المجتمع الدولي
الحيرة في نهج المجتمع الدولي أمرٌ ينتاب الكثيرين على كوكب الأرض، إذ تتم معاقبة بعض الدول في بعض الأحيان على انتهاك حقوق الإنسان أو القانون الدولي بينما ترتكب أخرى نفس الأفعال دون عواقب، وبات من الصعب تحديد ما هو صحيح وما هو خاطئ.

كيل المجتمع الدولي بمكيالين حال تعلق الأمر بالملالي والصهاينة يؤدي حتماً إلى تفاقم الاضطرابات إقليمياً وعالمياً، ويُربك مسار العلاقات الدولية ويُفقِد المجتمع الدولي شرعيته ويُثبِت عجزه، وقد ينتهي ذلك بتفكيك مؤسساته ويترك تاريخاً مأساوياً خلفه من التستر على الكوارث التي حلت بشعوب المنطقة كالشعب الإيراني والعراقي والسوري والفلسطيني واللبناني واليمني، وعلى النقيض نجد في مسار آخر أن المجتمع الدولي يكيل بمكيال منضبط واحد إذا تعلق الأمر بمساءلة الدول العربية.

يستخدم المجتمع الدولي معايير مزدوجة في تعامله مع الدول العربية، بينما يُطبق معايير مختلفة مع دول أخرى، والشاهد على ذلك الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، إذ أنه غالباً ما تضع الشرعية الدولية إسرائيل الكيان الناشئ الذي يحتل فلسطين في موقع المحمي الذي يتمتع بحصانة من المساءلة الدولية، ويتم فرض عقوبات صارمة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وأما من ناحية الحقوق المدنية والسياسية غالباً ما تُنتقد الدول العربية لانتهاكات حقوق الإنسان بينما يتم تجاهل الانتهاكات المماثلة في أنظمة أخرى كنظام الملالي.

أخر عجائب الأمم المتحدة
أخر عجائب النظام العالمي وأممه المتحدة اليوم هو رئاسة نظام الكهنة في إيران لمؤتمر نزع السلاح تحت مظلة الأمم المتحدة في ظل كمٍ هائل من التناقضات، إذ تُثير رئاسة إيران لمؤتمر نزع السلاح التابع للأمم المتحدة لعام 2024 جدلاً واسعاً بسبب تناقضات صارخة مع أهداف المؤتمر... ويترأس النظام الإيراني المؤتمر في حين يقوم بدعم الجماعات الإرهابية ونشر السلاح في أرجاء الأرض وتطوير برنامجه الصاروخي والنووي ورفضه للاتفاقيات الدولية المتعلقة بنزع السلاح، وفي ظل رفضه التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لا يُستبعد امتلاكه للسلاح النووي، ومن المؤكد أن رئاسة ملالي إيران لمؤتمر نزع السلاح تحت مظلة الأمم أمرٌ يعصف بمصداقية الأمم المتحدة ومؤتمرها هذا بل ويُبطله أيضاً، وبدلاً من دعم نظام الولي الفقيه الخارج عن الشرعية الدولية فإن أفضل الخيارات اليوم هي استئصال النظام الحاكم في إيران من خلال الاعتراف الرسمي بحق الشعب الإيراني ومقاومته في النضال من أجل إسقاط الدكتاتورية في إيران وإقامة نظام ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الجميع ويلتزم بمبادئ حسن الجوار.