الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تكشف حقيقة تدهور الوضع الإنساني الصعب والكارثي، وانهيار القيم الإنسانية، وأن نهاية الحرب طال انتظارها. ألا يكفي 6 أشهر من القتال حتى يقف العالم بجدية ويعمل على إنهاء هذه الحرب المدمرة، فتكون لحظة استيقاظ للضمير الإنساني، وتحفز الحرب دول العالم أجمع من أجل محاسبة من يعادون الإنسانية ويصنعون الكراهية، ومن تسبب بجرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

التدهور السريع لحالة الأمن الغذائي في قطاع غزة وصل إلى مرحلة حادة وسط ظهور مؤشرات على حدوث مجاعة حقيقية، وانهيار سلاسل القيمة الغذائية الزراعية أدى إلى التدهور السريع لحالة الأمن الغذائي جراء العدوان الإسرائيلي، حيث بات الأهالي، ولا سيما في محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني مواطن نحو الجنوب.

يعاني أكثر من 600 ألف طفل في رفح جنوب قطاع غزة من الجوع والخوف، ويواجهون خطر هجوم إسرائيلي، وقد أجبر الاحتلال العسكري الأطفال والأسر الهاربة من الهجمات الإسرائيلية على التوجه إلى رفح بزعم أنهم سيكونون آمنين هناك، وبالرغم من ذلك، تم تنفيذ هجمات وحشية على رفح، التي تشهد اليوم حقائق صادمة حيث يعاني النازحون والمشردون ظروفاً معيشية صعبة، والجميع بات محاصراً ومهدداً بهجوم عسكري من دون مكان آمن للذهاب إليه.

إنَّ الأمهات والآباء يحاولون كل يوم إعطاء الأمل لأطفالهم بالرغم من الخوف والجوع، ويفتقد الجميع أي آمال بإنهاء هذه الكوارث ووضع حد لجرائم الإبادة الدموية والوحشية التي تمارسها حكومة التطرف القمعية وتكشف الحقائق في رفح حجم وطبيعة معاناة الأطفال الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة تحت الهجمات الإسرائيلية بعد أن نزح إليها 1.5 مليون شخص.

إقرأ أيضاً: الحرب والاستيطان في الأغوار وتحدي الإرادة الدولية

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن قوات الاحتلال تقتل حوالى أربعة أطفال كل ساعة في قطاع غزة، ويعيش 43,349 طفلاً دون والديهم أو دون أحدهما، بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ومن بين الشهداء الـ33 ألفاً ما يزيد على 14,350 من الأطفال ويشكلون 44 بالمئة من إجمالي عدد الشهداء في قطاع غزة.

حكومة الاحتلال تمعن في وضع العراقيل لإثبات عجز المجتمع الدولي وعدم قدرته على فرض القانون الدولي والاتفاقيات الناظمة لأوضاع المدنيين في ظل الحرب موضع التنفيذ، ويتصدى في ذلك لمرتكزات ومفاهيم الموقف الدولي الداعية لوقف إطلاق النار وتأمين حماية المدنيين، خاصة في رفح وإدخال المساعدات بشكل مستدام من خلال تفكيك تلك المفاهيم وفبركة روايات مضللة لإفشال كل منها على حدة، بحيث لا تشكل جملة مفيدة.

إقرأ أيضاً: وقائع صادمة من مستشفى الشفاء

حرب الإبادة التي تمارسها منظومة الاحتلال في محاولتها لإلغاء وجودنا الأزلي، لن يكون مآلها إلا التحام شعبنا بأرضه ورفضه لكافة الحلول السياسية المجزأة، ومحاولات الفصل السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وسياسة التوسع الاستعماري التي تطبقها منظومة الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، يضاف إلى ذلك إعلان المنظمات الاستعمارية اليمينية المتطرفة عن مساعيها لإعادة البناء الاستعماري في قطاع غزة، لن تطمس الحقائق والوقائع بأن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس حتمية، لا يمكن تجاهلها أو فرض أمر واقع ينافيها.