تراهن بعض الأنظمة السياسية ذات الطابع الثيوقراطي في بعض الأحيان وعندما تجد الحاجة ماسة، على انتهاج سياسة مشبوهة من أجل تحقيق هدف معين، ولکن هذه السياسة تبقى رهينة بإطار زمني محدد لا يمکن أن يستمر إلى سقف زمني غير محدود، فذلك ما يمکن اعتباره تطرفاً وخروجاً عن المألوف، وهو الأمر الذي تتجنبه هکذا أنظمة ولا تتمادى فيه، ولکن لا يبدو أنَّ الأمر سيان عند النظام الإيراني.

منذ تأسيس النظام الإيراني الحالي، ومن أجل المحافظة على نفسه ودرء التهديدات والتحديات المحدقة به، لجأ ويلجأ إلى سياسات وليست مجرد سياسة مشبوهة محددة بحالها کما أسلفنا القول في بداية هذا المقال، وإننا لو قمنا بمراجعة لما جرى خلال الأعوام المنصرمة، فإننا نجد الکثير من الأحداث والتطورات ليست الملفتة للنظر فقط بل وحتى الفريدة من نوعها، إذ أن هذا النظام وبناءً على نظرية دينية غريبة وشاذة على الإسلام، منح نفسه حق الوصاية ليس على الشعب الإيراني فقط بل وحتى على العالمين العربي والإسلامي.

سياسة تصدير التطرف والأرهاب التي قام ويقوم النظام الإيراني باتباعها بالاستناد على ثلاث مواد من دستوره وهي المواد 3 و11، 154، هي السياسة التي على أساس منها يبيح لنفسه التدخل والعبث في الشؤون الداخلية لدول أخرى وحتى فرض الوصاية عليها من خلال أحزاب وميليشيات تابعة له، کما نرى في بعض من بلدان المنطقة، وهذه السياسة المشبوهة والتي ينتهجها هذا النظام من أجل فرض مشروعه المشبوه على المنطقة، وفي سبيل ضمان نجاحها، فإنه يقوم بإثارة الحروب والنزاعات وإثارة الفتن، إذ ومن دون وجود أجواء وأرضية مناسبة وملائمة لا يستطيع هذا النظام من تنفيذ مخططاته التي تعبد الطرق وتجعلها سالکة أمام مشروعه المشبوه لفرض نفوذه وهيمنته على المنطقة.

إقرأ أيضاً: دفاع مشبوه عن الارهاب في وضح النهار!

اليوم وبعد کل الذي قام به النظام الإيراني في المنطقة وزعزع أمنها واستقرارها لمرات عديدة، ولا زال الحبل على الجرار، صرح اللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة للنظام، خلال خطبته التي ألقاها بمناسبة ما يسمى "يوم القدس" في الخامس من نيسان (أبريل) الجاري من إنه: "خلال قيادة القائد المعظم للثورة الإسلامية سماحة الإمام خامنئي العزيز ومع تشكيل فيلق القدس التابع لقوات الحرس بأمر من هذا القائد العظيم وبعيد النظر، اكتسبت عملية تشكيل المقاومة الإسلامية حياة جديدة. وتم تهميش التيارات غير الإسلامية والضعيفة تدريجياً، وبرزت في الميدان بقوة التيارات الإسلامية الحقيقية مثل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وزادت قوتها يوماً بعد يوم منذ 30 عاماً". إننا نتساءل هنا على أي أساس منح خامنئي نفسه الحق لکي يقوم بتشکيل هکذا فيلق مشبوه مخصص للتدخلات في الشٶون الداخلية لبلدان المنطقة من خلال إنشاء شبکة علاقات مع تلك القوى التي يحددها باقري في خطبته؟

إقرأ أيضاً: كيف يمول المجلس آلة الحرب التابعة للنظام الإيراني؟

إذا ما افترضنا أنَّ کلام رئيس أركان القوات المسلحة للنظام الإيراني صحيح وقبلنا به، فإنَّ الأصح والأهم منه هو أن هذا النظام قد ربط مصيره بسياسة التدخلات وإثارة الحروب في المنطقة.

الحقيقة التي صارت واضحة وضوح الشمس في عز النهار للمنطقة والعالم أجمع، هو أنَّ النظام الإيراني بمثابة عراب إثارة الحروب والانقسامات والمواجهات والفتن في المنطقة، وأن الطريق الوحيد لمواجهة مخططات ومؤامرات هذا النظام تکمن في دعم وتأييد نضال الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من أجل الحرية وإسقاط هذا النظام وإقامة الجمهورية الديمقراطية.