من المعروف أن الدولة الألمانية هي من أكثر الدول الغربية- الديمقراطية التي تستقبل اللأجئين وخصوصاً القادمين من الدول ذات الأنظمة الأستبدادية والدول التي تحكمها الديكتاتورية العسكرية ومن المناطق التي تندلع فيها الحروب الأهلية، فالقوانين الألمانية تساوي بين كل من يعيش على أرضها ولاتفرق بينهم ولاتعاملهم على أساس الجنس أو المذهب أو الدين فالكل سواسية أمام القانون، وعليه فاللأجئ يعيش بكرامته على الأرض الألمانية ويتمتع بكل حقوقه وحرياته الطبيعية والمكتسبة.

بعد أندلاع الحرب الأهلية والطائفية وظهور المنظمات الإرهابية وفقدان الأمن والسلام في كل من سوريا والعراق، فتحت الدولة الألمانية أبوابها على مصرعيه أمام اللأجئين، فتدفق اليها الكل من كل حدب وصوب، فأستقبلتهم الدولة الألمانية برحابة الصدر وقدمت لهم كل التسهيلات من أجل العيش بالكرامة و الحرية والتمتع بالحقوق التي كانت مفقودة في موطنهم، وأصدرت عدة القرارات من أجل الحصول
على الإقامة وفتحت المجال أمامهم من أجل تقديم الطلبات لجمع شمل العوائل وفتحت دورات اللغة من أجل التأقلم والإندماج مع المجتمع الجديد، وخصصت لكل مركز لجوء العديد من المتطوعين من أجل مساعدة اللأجئ، فمنهم من يرافق اللأجئ إلى الدوائر الحكومية من أجل تسيهل المعاملات ومنهم من يرافقهم إلى العيادات الطبيعة ومنهم من يقدم لهم المساعدات المادية والمعنوية، فالدولة الألمانية والشعب الألماني وقف على قدم وساق من أجل مساعدة هؤلاء اللأجئين، وبحكم عملي في أحد مراكز اللأجئين وقربي منهم أشاهد كيف يبدأ اللأجئ بالكشر عن أنيابه إتجاه هذه الدولة وشعبها وكيف ينظر إليهم على أنهم كفرة ملحدين مصيرهم الجهنم والنار، وأن ثقافتهم هي ضدهم وتحارب عاداتهم وتقاليدهم، وأرى في أعينهم مدى الحقد والكراهية إتجاه هذه الدولة التي ساعدتهم ومدت لهم يد الخير والأمان، طبعاً هذا الكلام لا ينطبق على كل اللأجئين، لا شك بأنه هناك عدد لابأس به بين هؤلاء من يعترف بالجميل ويشكر ليل نهار هذه الدولة على أعتنائهم بهم ومنهم من يقول الحمدالله بأن المسلمين لم يصلوا إلى الدول الأوربية والحمدالله أن الإسلام لم ينشر في كل هذه الدول وإلا لما وجدوا الآن دولة يلجؤون إليها.

نعم لقد أتى الكثيرون إلى الدول الأوربية وليس كلهم أبرياء مسالمين فمنهم الإرهابي- المجرم أتى من أجل نشر الرعب والخوف بين صفوف الشعوب في هذه الدول، فبين حين وآخر يقوم أحد الأرهابيين بعمل إجرامي بحق الأبرياء وأخرها كان قيام إرهابي تونسي يوم الإثنين بالهجوم بشاحنة على أحد أسوق أعياد الميلاد في مدينة برلين وتسبب في قتل العديد من الأبرياء وجرح العشرات منهم، وبعد فعلته لاذ بالفرار من برلين، وأخر الأخبار حسب وكالة الأنباء الألمانية بأنه قد قتل في تبادل النار بينه وبين الشرطة الإيطالية في أيطالية، وكما يقول مراسل جريدة بيلد الألمانية من أيطالية من موقع الحادث بأنه قتل على يد الشرطة بعد أن شاهدته دورية فكان مرتبك فتم الشك به وطلب الشرطي منه إثباتاته الشخصية وفتح حقيبة الظهر فرفض ذلك وأشهر بسلاحه فماكان من الشرطي إلا أطلاق النار عليه ورده قتيلاً، ويضيف المراسل بأنه لا أثار لدم في مكان الحادث ولاوجود لشهود سوى الشرطة. وهنا يراود المرء الكثير من الأسئلة والتي ربما لن يجد لها أجوبة، فكيف هرب المجرم من السوق بعد فعلته من برلين إلى فرنسا ومنها إلى إيطاليا ؟، ومن ساعده بالهروب من برلين ومن أوصله إلى إيطاليا؟ هذه الأسئلة والكثير منها تحتاج إلى التمعن والتدقيق ولكن هيهات وثم هيهات أن يُفهم اللعبة. ( أنها لعبة الكبار وصراع الجبابرة، صراع المصالح وصراع النفوذ).