سلط خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي الأخير في عيد النوروز الضوء على التناقضات والأزمات العميقة داخل النظام الإيراني. وبالرغم من هدفه المزعوم المتمثل في بث الأمل والثقة في المستقبل، فقد أكد خطاب خامنئي عن غير قصد على الشعور السائد بالركود واليأس الذي يسيطر على نظامه داخلياً وخارجياً. ويتناول هذا التحليل الدلالات الضمنية لتصريحات خامنئي، ويكشف النقاب عن التوترات والعقبات الأساسية التي تواجه القيادة الإيرانية.

تطرق خامنئي في كلمته إلى المصالح الوطنية والمستقبل الواعد المبني على الأمل والإيمان. وشدد على أهمية تغذية الأمل لدى الشعب الإيراني، مؤكداً أنَّ التقدم يتوقف على الإيمان الجماعي بإمكانية التقدم والتغيير. ومع ذلك، فإنَّ هذه الدعوة للتفاؤل تتناقض بشكل صارخ مع الحقائق القاسية على الأرض، وسط خيبة أمل واسعة النطاق ومقاومة الشعب الإيراني ضد النظام.

وبعيدًا عن تقبل مبادرات خامنئي، فقد رفض الشعب الإيراني بشكل لا لبس فيه مبادرات النظام، كما يتضح من المقاطعة واسعة النطاق للانتخابات البرلمانية الصورية في الأول من آذار (مارس) واحتجاجات الشوارع التي لا هوادة فيها والتي استمرت طوال عام 2022. ولم يقتصر هذا التحدي على زعزعة الأسس فحسب، لقد كشفت هذه الأحداث عن هوة لا يمكن حلها بين النظام ومواطنيه.

ومن الممكن تفسير خطاب خامنئي باعتباره محاولة يائسة لحشد الموالين المتبقين داخل صفوف النظام، وخاصة الجهاز القمعي الذي ظل لفترة طويلة بمثابة العمود الفقري لقبضته على السلطة. وتشمل هذه الحرس الثوري، وميليشيات الباسيج، وقوات الأمن، والعملاء السريين، الذين يتم تحفيزهم الآن بوعود المكافآت والإسكان وزيادة الأجور لسحق المعارضة المزدهرة.

ومن الواضح أنَّ الخلاف الداخلي داخل بنية سلطة النظام أصبح واضحاً، مع تعثر الجهود الرامية إلى توطيد السلطة من خلال انتخابات مؤقتة وحل معضلة الخلافة. وبدلاً من ذلك، يجد النظام نفسه غارقاً في صراع داخلي، مع شبح الاضطرابات المدنية الذي يلوح في الأفق بشكل ينذر بالسوء. علاوة على ذلك، فشلت التدخلات الإرهابية للنظام في الخارج في تحويل الانتباه عن إخفاقاته الداخلية، الأمر الذي أدى إلى كشف نقاط ضعفه الاستراتيجية.

وسط هذه التحديات، برزت المقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي محوري، وحصلت على دعم دولي واسع النطاق وقادت الحملات العالمية التي تؤكد على جدوى منظمة معارضة قادرة على تحدي شرعية النظام وصياغة رؤية لدولة ديمقراطية في إيران.

وفي مواجهة الأزمات المتصاعدة، تبدو رواية خامنئي المتفائلة وكأنها محاولة مستترة لتهدئة العناصر الساخطة داخل النظام وحثهم على المثابرة في مواجهة المعارضة المتصاعدة. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية تفقد فعاليتها بشكل متزايد، حيث تقابل الدعوات إلى الأمل والإيمان داخل صفوف النظام بشكوك متزايدة ومقاومة من الداخل.

إقرأ أيضاً: طهران وانتخابات مارس

أعلنت المقاومة الإيرانية عام 1403 (مارس 2024 - مارس 2025) عام 'الانتفاضة والتمرد'، مؤكدة التزامها الثابت بتحدي سلطة النظام والدعوة إلى تغيير جذري في إيران. ويمثل هذا الإعلان منعطفاً محورياً في نضال إيران الطويل من أجل الحرية والديمقراطية، ويؤكد الروح التي لا تنضب لأمة مصممة على استعادة مستقبلها من براثن الطغيان.

وبينما تقف إيران عند مفترق الطرق الحرج هذا، فإنَّ التناقضات والتحديات التي يواجهها النظام أصبحت مكشوفة، مما يكشف القيادة التي تتصارع مع التهديدات الوجودية داخلياً وخارجياً. إنَّ المحاولات التي يبذلها خامنئي لإخفاء نقاط الضعف هذه تحت ستار الأمل والتقدم لا يمكنها أن تخفي القضايا الأساسية التي تؤدي إلى تآكل استقرار النظام. إن حركة المقاومة المستمرة ـ والتي يدعمها الاعتراف الدولي المتزايد بالدور الذي يلعبه المجلس الوطني للمقاومة الايرانية - لتقدم أملاً واعداً لإيران ديمقراطية ومزدهرة، ومتحررة من أغلال الاستبداد والقمع.