أصيلة: فنانون شباب تتراوح أعمارهم ما بين 25 و35 سنة، لديهم ارتباط وثيق بمدينة الانتماء أصيلة، تزامنت مرحلة طفولتهم مع فعاليات موسم اصيلة الثقافي الدولي، وهو يضيء زوايا المدينة، ويسافر بهم عبر عالم مليء بالأحلام والأمنيات التي سرعان ما أصبحت واقعا ملموسا، ليحتضنهم موسمها الثقافي ضمن معرض جماعي للفنانين الزيلاشيين الشباب، خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 25 يوليوالحالي.

وتحول مدخل ديوان قصر الثقافة بالمدينة الهادئة نهارا والصاخبة في ليالي الصيف الحالمة إلى معرض مفتوح للعموم، يشمل قطع فنية مختلفة، تمزج بين الفن التشكيلي والنحت في تزاوج يبهج الزوار، ويضفي على المكان رونقا وجمالية خاصة، تجذب الأنظار و تجعل المشاهد يسافر بخياله عبر الزمن، في مشهد فني يرتقي بالذوق العام.

أصيلة.. القطب الثقافي

يقول الفنان الشاب عبد الواحد المسناني، في تصريح لـ"إيلاف المغرب" إن مشاركته في المعرض تمثل بالنسبة له شهادة تخرج، وهو الذي يحضر بأعماله للمرة الأولى. المسناني يصف نفسه بالفنان الفطري الذي نهل من عبق وسحر مدينة أصيلة، وتأثر بالجو العائلي الذي نشأ فيه، والذي يتخذ من الفن تيمة حياتية، يتسلم أفرادها المشعل أبا عن جد، وتتوارثها الأجيال بشكل لا إرادي، وهي التي نشأت في بيئة خصبة تشجع على الفنون.

 

عمل فني يعبر عن معاناة وطموحات الإنسان الإفريقي

 

وعن رأيه بشأن فعاليات المنتدى التي يقدمها لزائريه، يقول الفنان الشاب"أصيلة أضحت حاليا قطبا ثقافيا للمملكة المغربية، و نحن بفضل المبادرات التي يطرحها المنتدى استطعنا تنمية قدراتنا وتكوين رصيد فني كبير، إضافة إلى التلاقي الحضاري الذي يوفره بإشراك فنانين كبار من مختلف أنحاء العالم، والجمالية التي تنشرها المعارض الجماعية.

 

لوحات فنية للفنانين الشباب في اصيلة 

 

يعتبر المسناني نفسه فنانا عصاميا صقل موهبته بالبحث والمعرفة، والاحتكاك بتجارب وخبرات الفنانين الذين سبقوه في الميدان، و لا يخف تقديره للأوراش الخاصة بالأطفال والتي واكبها منذ طفولته، و التي ساهمت بشكل كبير في بناء شخصيته الفنية.

 

الفنان الشاب عبد الواحد المسناني

 

يشارك الفنان الشاب بأعمال فنية مبتكرة ومبدعة، تشكل القارة السمراء موضوعها الأساسي، بمناسبة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، والأهمية التي يوليها الملك محمد السادس للبلدان الإفريقية، بهدف تطويرها والمساهمة في تنميتها.

 

منحوتات حديدية

 

ويقول" أشارك بلوحات فنية عن إفريقيا فضلا عن منحوتة يحتضنها مدخل رواق قصر الثقافة، والتي تلخص معاناة المواطن الإفريقي و تطلعات شباب القارة بشكل عام نحو تحقيق الرخاء والعيش الأفضل، وهو ما يتضح من خلال تعابير الوجوه التي يضمها هذا العمل الفني.

 

لوحة تشكيلية للفنان الشاب ربيع المسناني

 

مسيرة منذ الطفولة 

من جهته، تحدث الفنان ربيع المسناني، الذي يعمل على الفن التجريدي، وإعادة التدوير والنحت على الحديد، عن ولعه اللامتناهي بالمجال الفني، وقال "مسيرتي بدأت منذ الطفولة، حيث كنت من ضمن المستفيدين من الورشات الفنية الخاصة بالأطفال والتي تقام كل سنة بأصيلة".

 

الفنان الشاب ربيع المسناني

 

وأضاف " أعمل حاليا على تيمة الفن الحديث والمعاصر في إطار تطوير شخصيتي الفنية والانفتاح على معالم متباينة. نقوم كفنانين شباب بتقديم الجديد كل سنة، خاصة اننا لسنا محدودين على مستوى أصيلة، حيث سبق لنا المشاركة في معارض أجنبية خارج حدود الوطن، في كل من اسبانيا، هولندا، فرنسا، إنجلترا والسعودية، وهو ما كون لدينا مخزونا فنيا ثقافيا".

 

لوحات للفنانة شروق المليحي

 

المغاربة.. والحس الفني

وتعتبر الفنانة شروق المليحي ، والتي تعمل في مجال هندسة الديكور، أن الموهبة ضرورية لدى الفنان، إلا أنها لا تكتمل دون صقلها بالدراسة والبحث، وهي التي درست الفن بمدينة تطوان قبل أن تهاجر لأوروبا من أجل القيام بأبحاث موسعة في المجال الذي تعتبر أن عشقها له لم يكن صدفة، بحكم انتمائها لعائلة فنية بامتياز.وتقول المليحي في تصريحها لـ"إيلاف المغرب"ان وجود فنانين عصاميين بكثرة في المعارض التي تقام خلال منتدى أصيلة الثقافي الدولي يعتبر دليلا ومؤشرا قويا على وجود الحس الفني في المجتمع المغربي، "خاصة أن الفن في بلادنا عرف تطورا ملحوظا، في ظل وجود أعداد كثيرة من الفنانين، وأصبح الناس يبدون اهتماما ملحوظا به، مما ينم عن وعي حقيقي بأهميته في ازدهار الشعوب ونموها، ينبغي فقط تقديم الفن الحقيقي في شكله الإبداعي والجمالي".

 

عمل تشكيلي من توقيع سوسن المليحي

 

وعن ارتساماتها بخصوص الدورة الحالية لموسم اصيلة الثقافي التي انتهت فعالياتها اخيرا ، قالت المليحي ان بلوغه النسخة 39 يدل على نجاحه سنة بعد أخرى، بفضل العمل المضني والمجهودات التي يبذلها المنظمون لكي يخرج المنتدى في أبهى صورة له.

وزادت قائلة ان الدورات السابقة كانت كلها جيدة على جميع المستويات، و ما يميزه في كل مناسبة هو وجود فئة شابة من الفنانين، والذين على الرغم من صغر سنهم إلا أنهم يتمتعون بمسار طويل وشهرة، يفرضها ما ينجزونه من أعمال تتمتع بالحرفية والمهنية والدقة اللامتناهية".

وعن نجاعة تنظيم مبادرات ثقافية وفنية مماثلة في باقي مدن المغرب إسوة بأصيلة، أوضحت الفنانة الشابة بالقول"وسائل الإعلام والتواصل سهلت بشكل كبير ربط المدن ببعضها البعض، سواء كان المعرض المنظم جهويا أو وطنيا، فهو يتجول تلقائيا حول العالم، ما ينبغي التركيز عليه في هذا السياق هو أن يفرض الفنان نفسه باجتهاده، ومثابرته، وإبداعه، والتي حتما ستمكنه من الوصول إلى باقي جهات المملكة ومنها إلى العالمية".

يذكر أن معرض الفنانين الزيلاشيين( نسبة الى اصيلة ) يضم كلا من سلوى البحريني، وعبد الواحد المسناني، وربيع المسناني، وطارق فايطح، وعبد العزيز الحراقي، وشروق المليحي وسوسن المليحي.